البندقية 82 - "وصية آن لي": عندما يرقص الدين! - هرم مصر

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البندقية 82 - "وصية آن لي": عندما يرقص الدين! - هرم مصر, اليوم السبت 13 سبتمبر 2025 01:56 مساءً

هرم مصر - في فيلمها الأحدث، "وصية آن لي"، أحد الأفلام المنافسة على "الأسد الذهب" في مهرجان البندقية الأخير، تذهب المخرجة النروجية مونا فاستفولد في مغامرة سينمائية تعيد فيها ابتكار حياة شخصية دينية مثيرة للجدال من القرن الثامن عشر: البريطانية آن لي، المرأة التي تحوّلت من هامش المجتمع إلى رمز لحركة دينية راديكالية عُرفت باسم الشاكريين. لا يأتي العمل بسيرتها التقليدية من الولادة إلى الموت، بقدر ما يسعى إلى تفكيك إرثها عبر توليفة تجعل النص السينمائي الذي أمامنا أقرب إلى "الميوزيكال". 

في زمن كانت فيه النساء محاصَرات بأدوار محدّدة، وممنوعات من المشاركة في صنع القرار الديني، ظهرت آن لي (تؤدّي دورها ببراعة أماندا سيفريد) كصوت نافر، أعلنت العصيان على الكنيسة، وذهبت إلى حد الادعاء بأنها التجسيد الأنثوي للمسيح. هذا التحدّي العلني للمؤسسة الدينية والسياسية آنذاك، قوبل بعنف واتهامات بالهرطقة، خصوصاً عندما انتقلت لي مع أتباعها إلى أميركا، لكن هذا كله لم يمنعها من تأسيس مجتمع بديل قائم على الزهد والانفصال عن الحياة الدنيوية والعيش ضمن جماعات مغلقة ترفض الزواج وتدين المتعة الجسدية باعتبارها أصل الشر.

 

فيلم يعيش طقوس تطهير مستمرة.

 

لا تقدّم فاستفولد هذه الحكاية في قالب درامي مألوف، إنما تترجمها إلى عرض موسيقي صوفي الطابع، تغلب عليه مشاهد طقسية تتكرر فيها الحركات الجسدية العنيفة والارتجافات والغناء الجماعي، وكأن الفيلم نفسه يعيش طقوس تطهير مستمرة. ورغم الحضور الجمالي القوي لتلك المشاهد، فإن تكرارها والتشابه الكبير بين فصولها، يضعفان وقعها تدريجاً، خصوصاً مع العودة المتكررة إلى الإيقاع الروائي التقليدي الذي يفتقر إلى الشحنة العاطفية الموجودة داخل الطقوس.

يحمل الفيلم بعضاً من ملامح الطموح الإخراجي لزوج فاستفولد، المخرج برادي كوربيت، الذي لمع العام الماضي في مهرجان البندقية بفيلمه "الوحشي"، وهو يشارك هنا ككاتب سيناريو. ورغم أن التعاون بينهما واضح، فالعمل لا يبلغ مستوى النضج أو الجرأة التي اتّسمت بها أفلام كوربيت. 

 

أماندا سيفريد توقّع أوتوغرافات في البندقية.

أماندا سيفريد توقّع أوتوغرافات في البندقية.

 

في تصريحاتها، تظهر فاستفولد انجذاباً غير متوقّع نحو شخصية آن لي، رغم الخلفية العلمانية التي نشأت فيها. ما جذبها، لم يكن الدين أو النبوءات، بل ما وصفته بـ"الحنين العميق إلى عالم أكثر عدلاً وروحانية". ترى آن لي كفنّانة من نوع خاص، أرادت أن تعيد تشكيل الواقع، أن تبتكر مجتمعاً مثالياً يتجاوز الانقسامات التقليدية بين الذكر والأنثى، المادي والروحي، السلطة والخضوع. بالنسبة الى فاستفولد، يكمن الإبداع في هذا التوق العميق إلى النعمة، وهو ما تشترك فيه الفنون مع الحركات الدينية في سعيها نحو لحظة كشف أو خلاص. 
وهكذا، لا يقدَّم الفيلم كسرد تاريخي إنما كأداء شعري، كنوع من الرثاء الجميل لحلم إنساني لم يكتمل، ولصوت أنثوي طواه الصمت عبر القرون. لكن النقّاد انقسموا حول الفيلم الذي خرج خالي الوفاض من مسابقة ”الموسترا 82“.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق