نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما وراء قرار أوبك+ والعقوبات الأميركية على روسيا... لماذا عاد النفط إلى النطاق الأخضر؟ - هرم مصر, اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 02:16 مساءً
هرم مصر - نور البيطار، محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities mena
عاد النفط إلى النطاق الأخضر بعد سلسلة تطورات متشابكة في الأسواق العالمية. فمن جهة، قررت أوبك+ رفع الإنتاج لشهر أكتوبر بمقدار 137 ألف برميل يومياً فقط، مقارنة بزيادة بلغت 555 ألف برميل في أيلول/سبتمبر، ما مثّل مفاجأة للأسواق التي توقعت أرقاماً أكبر. هذه الزيادة المتواضعة تعكس حذراً من جانب المنظمة في ضخ كميات كبيرة قد تضغط على الأسعار.
في المقابل، جاءت التطورات السياسية لتضيف مزيداً من الدعم للأسعار. فقد هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي تستورد النفط من روسيا، بالتزامن مع تحركات أوروبية وأميركية لفرض عقوبات جديدة على موسكو. أي قيود إضافية على صادرات النفط الروسي تعني تراجع الإمدادات العالمية، وهو ما يُترجم سريعاً بارتفاع الأسعار. بالنسبة للدول العربية المنتجة، هذه المعطيات تمنح الأسواق بعض التوازن، لكنها تضعها أيضاً أمام تحدي مراقبة التطورات بدقة، خصوصاً في ظل التنافس على الحصص السوقية.
هل باتت الجغرافيا السياسية لاعباً أساسياً في السوق؟
إلى جانب قرارات الإنتاج والعقوبات، برز عامل آخر لا يقل خطورة: التوترات الأمنية. فقد أعلنت جماعة الحوثي عن استهداف ناقلة نفط قرب السواحل السعودية في البحر الأحمر. ورغم أن الهجوم لم يسفر عن أضرار جسيمة، إلا أنه أعاد إلى الواجهة المخاوف من تهديدات الملاحة في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يعبر ما يقارب تريليون دولار من السلع سنوياً.
بالنسبة للعالم العربي، وتحديداً دول الخليج المطلة على البحر الأحمر، فإن أي اضطراب أمني يرفع كلفة التأمين والنقل، ويضع علاوة أخطار إضافية على الأسعار.
كيف يتفاعل الطلب العالمي في ظل هذه التطورات؟
هو بالحقيقة ما زال أدنى من التوقعات الأولية، خاصة مع تباطؤ النمو في بعض الاقتصادات الكبرى. ومع ذلك، فإن الأسواق تترقب قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي حول أسعار الفائدة. خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أو أكثر سيؤدي إلى تنشيط الاقتراض، وتحفيز النمو الاقتصادي، وبالتالي رفع استهلاك الطاقة والنفط أي أن ضعف في قوة الدولار ستأثر حتما على زيادة الطلب العالمي على النفط والمحصلة هي ارتفاع الأسعار. وهذا يعني أن أسعار النفط ستتأثر ليس فقط بالعرض والإمدادات، بل أيضاً بمسار السياسة النقدية الأميركية التي توجه حركة الطلب العالمي.

أوبك+ (وكالات)
إلى أين يمكن أن تصل الأسعار في المرحلة المقبلة؟
تشير التقديرات الراهنة إلى أن أسعار النفط ستبقى في المدى القصير ضمن نطاق 60 – 65 دولاراً للبرميل لخام غرب تكساس. أما الزيادة المحدودة في إنتاج أكتوبر، فهي إشارة إلى أن أي خطوات أكبر قد تُرحَّل إلى نوفمبر مع اتضاح صورة السوق بشكل أفضل. هذا قد يشجع أوبك على رفع الإنتاج إذا واصلت الأسعار مسارها التصاعدي. وفي المقابل، فإن استمرار التوترات الجيوسياسية والعقوبات المحتملة على روسيا قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى مما هو متوقع حالياً.
ماذا يعني ذلك للعالم العربي؟
بالنسبة للدول العربية المنتجة، مثل و على رأسها السعودية، العراق والكويت، فإن هذا النطاق السعري يحقق معادلة مقبولة بين تأمين الإيرادات وعدم إضعاف الطلب العالمي. لكنه في الوقت نفسه يفرض عليها الاستمرار في التنسيق داخل أوبك+ للحفاظ على استقرار السوق.
أما الدول العربية المستوردة للنفط، مثل الأردن ومصر وتونس والمغرب، فهي تواجه معادلة أكثر صعوبة: أي ارتفاع إضافي للأسعار سيضغط على موازناتها العامة، ويرفع من فاتورة الاستيراد، وبالتالي قد يفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
برأي، المرحلة المقبلة ستختبر قدرة الدول العربية على الموازنة بين استقرار الأسعار وحماية اقتصاداتها الداخلية من تقلبات السوق العالمي. النفط عاد إلى النطاق الأخضر ليس فقط بفضل قرارات إنتاج متواضعة من أوبك+، بل أيضاً نتيجة لتشابك العوامل السياسية والأمنية والاقتصادية، من العقوبات على روسيا، إلى تهديدات الملاحة في البحر الأحمر، وصولاً إلى ترقب قرارات الفيدرالي الأميركي. وفي خضم هذه التطورات، يجد العالم العربي نفسه لاعباً أساسياً ومتأثراً في الوقت ذاته، في سوق لا تزال حساسة لأي إشارة أو قرار قد يعيد رسم خريطة الأسعار عالمياً، فهل سينجح العالم العربي في تحويل هذه التحديات إلى فرص، أم سيبقى رهينة لتقلبات سوق النفط العالمي؟
0 تعليق