أسعار النفط تحافظ على توازنها الدقيق بينما تثير التوترات الجيوسياسية العالمية مخاوف بشأن استقرار الإمدادات وتهدد بتقويض الوضع الراهن.

استقرت أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث يدرس المستثمرون بعناية التأثير المحتمل لفائض المعروض النفطي مقابل العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا، والتي أدت إلى اضطراب في بعض تدفقات الخام، وتداولت العقود الآجلة لخام “برنت” قرب مستوى 64 دولاراً للبرميل الواحد، وذلك بعد تسجيل خسارة طفيفة في الجلسة السابقة، في حين استقر خام “غرب تكساس الوسيط” دون مستوى 60 دولاراً.

وشهد سعر الخام الروسي الرئيسي انخفاضاً ملحوظاً، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عامين، وذلك قبل أيام قليلة من بدء سريان العقوبات الأمريكية على شركات إنتاج النفط الروسية الكبرى مثل “روسنفت” و “لوك أويل”، وتواجه العقود الآجلة القياسية ضغوطاً هذا العام، وذلك بسبب توقعات بوجود فائض كبير يؤثر سلباً على رؤية السوق المستقبلية، حيث تتوقع “وكالة الطاقة الدولية” فائضاً قياسياً في المعروض بحلول عام 2026، ويعزى هذا الفائض بشكل أساسي إلى عودة الإنتاج من دول “أوبك+” بالإضافة إلى زيادة الإنتاج من خارج المجموعة.

وقال سول كافونيك، كبير محللي الطاقة في “إم إس تي ماركي”: “يشهد السوق توازناً دقيقاً بين توقعات هبوطية لتوازن السوق وبين المخاطر الصعودية الناتجة عن اضطرابات الإمدادات بسبب التوترات الجيوسياسية في روسيا وغيرها من المناطق”، وأضاف: “إذا كان تطبيق العقوبات ضعيفاً، ولم تتصاعد مستويات الصراع، والتزمت أوبك بمسارها الحالي، فسيواصل السوق التراجع في نهاية المطاف”.

تأثير زيادة إنتاج الرمال النفطية الكندية على أسعار النفط

يشهد إنتاج الرمال النفطية في كندا نمواً ملحوظاً، تزامناً مع بدء تشغيل التوسعة الجديدة لخط أنابيب “ترانس ماونتن”، والذي يهدف إلى نقل كميات أكبر من النفط إلى الأسواق الآسيوية بعد سنوات من القيود على القدرة الاستيعابية، ووصل إنتاج الرمال النفطية الكندية إلى مستوى قياسي في شهر يونيو، وتشير التوقعات إلى استمرار هذا الارتفاع ليصل إلى 6 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، وذلك وفقاً لتقديرات “بنك مونتريال”.

المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها المحتمل على أسعار النفط

تتزايد المخاطر الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، مما قد يوفر دعماً لأسعار النفط، وتشمل هذه المخاطر الهجمات في السودان التي أدت إلى تقليص الصادرات، واحتجاز إيران لناقلة نفط بالقرب من مضيق هرمز الحيوي، بالإضافة إلى ذلك، تراقب السوق عن كثب التداعيات المحتملة للضغوط الأمريكية على فنزويلا، وتخطط الولايات المتحدة لتصنيف عصابة مخدرات فنزويلية، تزعم أنها بقيادة الرئيس نيكولاس مادورو، كـ “منظمة إرهابية أجنبية”، كما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأنه لا يستبعد إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا الغنية بالنفط.

العلاقات السعودية الأمريكية ومستقبل سوق النفط

من المتوقع أن يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس ترمب في واشنطن، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة ستبيع مقاتلات “F-35” للمملكة العربية السعودية، واصفاً إياها بأنها حليف عظيم، وتأتي هذه التطورات في ظل ترقب الأسواق لقرارات “أوبك+” بشأن مستويات الإنتاج المستقبلية، والتي ستلعب دوراً حاسماً في تحديد اتجاه أسعار النفط.