الكشف عن تفاصيل سعر الذهب المرتبط بقلعة بريطانية عمرها يزيد على 700 عام في تاريخها العريق

«الحواس الخمس» تميط اللثام عن جهود سعودية في الحرمين الشريفين

لا شيء يشبه اللحظة التي يدخل فيها قاصدو الحرمين الشريفين رحابهما للمرة الأولى؛ لحظة تتداخل فيها مشاعر الدهشة والسكينة، ويغمرهم فيها إحساس لا يُنسى، يمر عبر بوابة الحواس قبل العقل، فالصوت الذي يملأ المكان، والضياء المنعكس على الحجر، ورائحة البخور التي تستقبلهم عند المداخل، ولمسة الرخام البارد تحت أقدامهم، كلها تفاصيل تنسج معاً تجربة روحية يصعب وصفها.

رغم هذا الجمال الروحي، تبرز أسئلة عديدة حول دقة وحرفية إدارة الخدمات في الحرمين الشريفين، مثل كيف يبقى الصوت واضحاً في أرجاء المسجد، ولماذا يظل الرخام بارداً تحت أشعة الشمس، أو كيف تصنع كسوة الكعبة بأبهى حلة مع خيوط من الذهب والفضة، إضافة إلى ضبط وتنظيم شؤون الحرمين بأدق التفاصيل لضمان راحة ملايين الزوار سنوياً.

نظام الصوت المتطور في الحرمين الشريفين: تجربة سمعية تلامس القلوب

تنطلق تجربة الزائر والحجيج من حاسة السمع، حيث تعتمد الهيئات المختصة على منظومة صوتية متكاملة تتضمن ثلاثة أنظمة رئيسية، النظام الإحساسي، النظام الاحتياطي، ونظام الطوارئ، بهدف ضمان نقل الأذان وتلاوات القرآن بأسمى درجات النقاء والوضوح، مع استخدام حوالي 8000 سماعة في المسجد الحرام و6000 سماعة في المسجد النبوي، إضافة إلى أكثر من 170 مهندس صوت في مكة و106 في المدينة، لضبط توازن الصوت وجودة «الخامة الصوتية» لكل إمام ومؤذن، مما يعزز التجربة الروحية لكل زائر.

تجربة التفاعل الصوتي للزوار: تسجيل الأذان والقرآن الشخصية

يوفر الجناح التفاعلي للزوار فرصة استثنائية لتسجيل الأذان أو الإقامة أو قراءة قصيرة من القرآن الكريم عبر استوديو مجهز بسماعات رأس، ليحمل كل زائر ذكرى شخصية مهداه من الحرمين الشريفين.

اللمس وفن صناعة كسوة الكعبة المشرفة: تراث سعودي خالد

ينتقل الزائر عبر حاسة اللمس إلى قطع أصلية من خيوط الحرير الخام التي يتم صباغتها بالألوان التراثية، ورؤية تفاصيل تطريز الكسوة باستخدام خيوط من الفضة المطلية بالذهب، والتي تتطلب سنوياً أكثر من 100 كيلوغرام من الذهب و120 كيلوغراماً من الفضة، مع التعرف إلى ملمس رخام «تاسوس» المستخدم في أرضيات الحرمين، والذي يحتفظ ببرودته طوال اليوم، كما يستكشف الزائر السجاد الأخضر المعتمد منذ 1434هـ، والمزود بطبقات نانو مقاومة للبكتيريا، إلى جانب نسخة من مصحف برايل الموجه لأصحاب الإعاقة البصرية.

التجارب الحسية في التعطير والطهي الروحي: أسرار الطيب والتذوق

تكتمل الرحلة مع حاسة الشم عبر التعرف على أسرار العطور المستخدمة في تعقيم الكعبة وتعطير الحرمين الشريفين، مثل مزيج ماء زمزم، دهن الورد، ودهن العود، التي تُحضَّر بدقة فائقة ويُعاد تطبيقها خمس مرات يومياً، مع استخدام كميات متفاوتة من البخور، تصل إلى 2 كيلوغرام يوم الجمعة، وتتصاعد الكميات في مواسم الحج ورمضان، كما يتعرف الزوار على أدوات التعطير التقليدية والحديثة، وتقنيات حفظ نقاء الروائح، بينما تمر تجربة التذوق عبر تحلية ماء زمزم المبارك وتمور العجوة التي تُقدم في المسجد النبوي.

البصر وعالم الواقع الافتراضي: تجربة ثلاثية الأبعاد لمراسم الكسوة

تتيح تجربة البصر في الجناح للزائر الانغماس في مراسم تغيير كسوة الكعبة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي «VR» بزاوية 360 درجة، حيث يشارك في متابعة عملية تعطير الحجر الأسود والركن اليماني والملتزم، ويرى مشاهد تبخير الحرم المكي كما لو كان جزءاً من الفريق، ما يعزز الإدراك والارتباط الروحي بالمكان الذي يحظى بأعلى درجات القداسة.

تعكس جهود الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين، من خلال هذه التجربة المتكاملة التي تعتمد على حواس الزائر، مدى عمق الالتزام السعودي في تقديم أرقى مستويات الراحة والخدمة المعتمدة على تكنولوجيا متقدمة، ومواد فاخرة وتراث أصيل، لتجعل كل زيارة للحرمين تجربة روحية وحسية متكاملة لا تُنسى، تبرز الجهود الهندسية والحرفية والرعوية التي تضمن استدامة قدسية المكان وروعة تجربته.