ارتفاع سعر الذهب يتأثر بتقلبات الشتاء ويشهد موجة صعود مع ارتفاع أسعار الغاز الأوروبي

تسيطر مخاوف «فوبيا الشتاء» بشكل متزايد على أسواق الطاقة في أوروبا، رغم أن بيانات المخزونات الرسمية تظهر وصول مخزون الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية تفوق 95% من السعة، إلا أن أسعار الغاز في بورصة ICE Futures تشهد ارتفاعاً ملحوظاً. يعكس هذا التناقض تحوّل تركيز السوق من كمية الغاز المتوفرة إلى استقرار تدفقات الغاز وشدة الطلب الموسمي المتوقع خلال أشهر الشتاء الباردة، إضافة إلى تأثير العوامل النفسية والجيوسياسية على حركة الأسعار.

يُنبع ارتفاع أسعار الغاز الحالي من عوامل معقدة تتجاوز مجرد أرقام التخزين، حيث يضغط الطلب الموسمي المتزايد بسبب انخفاض درجات الحرارة، واقتراب ذروة موسم التدفئة في ديسمبر ويناير، بشكل ملحوظ على إمدادات الغاز المتاحة، مما يؤدي إلى رفع أسعار الغاز الفوري على الرغم من امتلاء المخازن.

المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا

تظل المخاطر الجيوسياسية العالقة تهدد استقرار سوق الغاز الأوروبي، إذ يمكن لأي انقطاع غير متوقع في إمدادات الغاز الطبيعي المسال، أو تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، أن يسبب تقلبات حادة في الأسعار نتيجة زيادة مخاطر الشحنات. علاوة على ذلك، تؤدي عمليات الصيانة المفاجئة في حقول الغاز النرويجية، التي تمثل المصدر الأساسي لأوروبا، إلى موجات من الذعر السوقي وارتفاع الأسعار بشكل فوري، حتى لو كانت تلك الانقطاعات مؤقتة.

اعتماد أوروبا المتزايد على الغاز الطبيعي المسال (LNG) وتأثير المنافسة الدولية

بعد تقليل الاعتماد على الغاز الروسي عبر الأنابيب، باتت أوروبا تعتمد بشكل كثيف على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر، ما يجعل أسعار الغاز الأوروبية مرتبطة بشكل كبير بالمنافسة الشرسة مع الأسواق الآسيوية مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، ففي حال زيادة الطلب في آسيا، ترتفع الأسعار العالمية للغاز المسال، مما يرفع تكلفة الشحنات الواصلة إلى أوروبا.

تحديات البنية التحتية الأوروبية لاستقبال الغاز المسال وتأثيرها على الأسعار

على الرغم من إنشاء محطات جديدة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، لا تزال القدرة الاستيعابية لموانئ الغاز الأوروبية محدودة، ما يخلق عنق زجاجة خلال مواسم الذروة، ويعزز من ضغط الأسعار ويزيد من تقلبات السوق في فترات الطلب المرتفع.

تداعيات ارتفاع أسعار الغاز على المستهلكين والاقتصاد الأوروبي

يشكل ارتفاع أسعار الغاز عائقاً كبيراً أمام تعافى اقتصاد منطقة اليورو، إذ يؤدي إلى زيادة تكاليف التدفئة والنقل والصناعة، مما يغذي معدلات التضخم الأساسية، ويصعب مهام البنك المركزي الأوروبي في ضبط الأسعار. كما تضطر الحكومات لمواصلة تقديم حزم الدعم للمستهلكين لمواجهة ارتفاع فواتير الطاقة، ما يزيد من الضغوط على الميزانيات الوطنية ويستدعي البحث عن حلول فعالة ومستدامة.

في ظل هذه الأجواء، تبقى أسواق الغاز الأوروبية في حالة تأهب قصوى مع اقتراب الشتاء، حيث يوفر امتلاء المخزونات وسادة أمان، لكنه لا يكفي لدرء المخاطر الناتجة عن العوامل الجيوسياسية والمنافسة العالمية على الغاز الطبيعي المسال، ليظل دوران الأسعار مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمخاوف «فوبيا الشتاء» في نهاية عام 2024.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *