زيادة التوترات الاقتصادية والسياسية في إيران تدفع سعر الذهب للارتفاع مجدداً خلال أحداث نوفمبر الدامي

في 15 نوفمبر 2019، قررت حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني رفع سعر البنزين بنسبة 200% بشكل مفاجئ، مما أثار غضبًا واسعًا وأشعل مظاهرات احتجاجية ضخمة في مختلف المحافظات. بدأت هذه الاحتجاجات بمطالب اقتصادية واجتماعية بحتة، لكنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية معارضة للحكومة القائمة، حيث انتشرت في 29 محافظة وعشرات المدن. وأكدت منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل منظمة العفو الدولية ومفوضية الأمم المتحدة، استخدام قوات الأمن القوة المفرطة، بإطلاق النار المباشر على المتظاهرين من أسطح المباني والمروحيات، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا.

في اليوم التالي، أي 16 نوفمبر، دافع المرشد الإيراني علي خامنئي عن قرار زيادة أسعار الوقود، ووصف المحتجين بـ”الأعداء والأشرار”، تلا ذلك فرض حظر شبه كامل على الإنترنت، وتصعيد قمع المعتصمين. وبحسب تقارير حقوقية، تم اعتقال أكثر من 8600 شخص خلال احتجاجات نوفمبر، كما أصدرت المحكمة العليا أحكام إعدام قاسية بحق بعض المحتجين، ترافق ذلك مع تعذيب واعتداءات أثناء الاستجواب، ومحاكمات جائرة تفتقر إلى الضمانات القانونية، وخاصة حق التمثيل القانوني الحر.

ارتفاع أسعار البنزين في إيران وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية

مع اقتراب خريف 2025، تعود مخاوف زيادة أسعار البنزين للواجهة من جديد، حيث أعلنت حكومة الرئيس مسعود پزشکیان أن تعديل أسعار الوقود مطروح للنقاش في البرلمان، رغم نفيها المعلن لرفع الأسعار. ودعا مسؤولون في البرلمان الإيراني إلى رفع سعر اللتر إلى 5000 تومان، مؤكدين أن تكلفة إنتاج البنزين للحكومة أقل من 2000 تومان، في مقابل تعليقات متضاربة صادرة عن نائب الرئيس التنفيذي الذي قال إن تكلفة اللتر تصل إلى 34000 تومان. هذا التباين يعكس الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجه إيران، خاصة في ظل نفاد موارد الميزانية المخصصة لاستيراد الوقود وندرة العملة الصعبة.

أثر التضخم والفقر على قدرة الإيرانيين المعيشية

يحذر خبراء الاقتصاد من أن رفع أسعار البنزين في ظل معدلات تضخم مرتفعة وانخفاض الأجور الحقيقية سيعمق الفقر ويزيد من الفجوة الطبقية، خصوصًا في ظل اعتماد الشرائح الضعيفة على وسائل النقل العامة وعدم امتلاكها سيارات خاصة. يعتبر الاقتصادي فرشاد مومني أن سياسة “العلاج بالصدمة” لن تحل أزمات الميزانية، بينما يؤكد الخبراء أن ارتفاع أسعار الطاقة سينعكس سلبًا على مستويات المعيشة والإنتاج في الاقتصاد الذي يعاني الركود وتفاقم أزمات الطاقة.

أزمة الطاقة في إيران وأبعادها المتعددة

تعاني إيران من أزمة طاقة مركبة، تشمل انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، انخفاض ضغط الغاز، وجفاف حاد أدى لتراجع الإنتاج الزراعي وندرة المياه في مناطق واسعة. رغم تأثيرات العقوبات الخارجية، يشير خبراء إلى أن سوء الإدارة والفساد في شبكات التوزيع والاستثمار هو السبب الرئيسي لتدهور قطاع الطاقة، مما فرض تقنينًا موسعًا لمياه الشرب والحد من الإنتاج الزراعي، وهو ما يؤثر مباشرة على حياة ملايين المواطنين.

مخاطر إعادة تجربة احتجاجات نوفمبر 2019 وإجراءات القمع

في ظل تصاعد نقاشات رفع أسعار الوقود، تواجه الحكومة انتقادات لخطواتها الأمنية المشددة، التي تضمنت تعزيز الرقابة الرقمية، استخدام الكاميرات الذكية، واعتقالات مكثفة لصحافيين ونشطاء وعمال بدون مبررات واضحة، في محاولة واضحة لتفادي تكرار احتجاجات نوفمبر الدامي. يحذر علماء الاجتماع من أن ضغوط الفقر، نقص المياه، والغضب الشعبي المكبوت قد تتحول إلى شرارة لاحتجاجات واسعة بسبب أي قرار اقتصادي مثير للجدل في ظل استنزاف القوة الشرائية للمواطنين.

تظل تجربة “نوفمبر الدامي” علامة بارزة في التاريخ الإيراني الحديث، تشكل درسًا هامًا في فهم مخاطر السياسات الاقتصادية المتسرعة، حيث أن الاستجابة الأمنية السابقة تشير إلى الاستعدادات الحكومية لمواجهة أي موجة احتجاجات مستقبلية بدلًا من دمج الآراء المجتمعية في صنع القرار.