انهيار عقد الحماية: اختبار الدلالات في ضوء الأحداث الراهنة

كتب كابتن أسامه شقمان عن الحادثة التي وقعت في الدوحة، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد حدث عابر، بل تمثل أزمة تهز مفهوم الدولة وهيبتها، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول معنى الشرعية في ظل غياب الحماية التي تم التعهد بها. وفقًا لفلسفة توماس هوبز، فإن مجتمعًا يمنح الدولة طاعته مقابل الأمان، وعندما يُفقد هذا الأمان، ينهار العقد الاجتماعي. ومع تعرض الدوحة، التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، للقصف، يصبح السؤال مطروحًا: إذا لم تستطع التحالفات حماية العواصم، فما جدوى هذا العقد أصلًا؟

توضح الفيلسوفة حنّة أرندت أن العنف يعبر عن فشل السياسة؛ وعندما يتجول الصاروخ بحرية فوق خرائط السيادة، فهذا يعني أن القواعد المتعارف عليها لم تعد قائمة. ولذا، يذكرنا كارل شميت بأن السيادة ترتبط بقدرة الدولة على إعلان “حالة الاستثناء”، وهذا بالضبط ما تسعى إسرائيل إلى إعلانه للعالم كاستثناء دائم. يجب ألا تُعتبر الدوحة مجرد أماكن مادية، بل رمزًا لاستقرار الخليج وثقلًا دبلوماسيًا، إذ أن ضربها يعد كسرًا لهيبة المراكز، ويشكل إشارة واضحة تفيد بأن لا مدينة عربية في مأمن مهما بلغت قوتها الاقتصادية وتعددت تفاهماتها.

ما يبدو كـ”خرق” واضح للقانون الدولي ليس حدثاً منفصلاً، بل يمثل جزءًا من سردية طويلة بدأت مع حصار غزة وتجويع سكانها، لتتوسّع إلى تأثير دوائر العنف. الفكرة المحورية هي الضغط على الإرادة الجماعية وتفكيك “العصبية”، كما وصفها ابن خلدون، مما يجعل كل جزء من الأمة يشعر بالوحدة في خضم الأحداث. لذا، فإن مجرد الإدانات والبيانات اللفظية لا تكفي؛ فالكلمات التي تفتقر للقوة تصبح مجرد طقوس لغوية لا تغير الواقع.

نحتاج إلى عقيدة جديدة تتجاوز ردود الفعل لتبني إستراتيجية عربية إسلامية تعيد تعريف مفهوم الأمن، بحيث لا يتم استيراد الحماية فحسب، بل تُصنع هذه الحماية وتُبنى السيادة. ومعادلة الردع هنا ليست تعبيراً عن التهور، وإنما تتطلب تحليلاً لثلاث عناصر محددة: قرار سياسي موحد، اقتصاد قادر على تحرير القرار من الارتهان، وقدرة دفاعية تعِين على تحقيق توازن في التكاليف والمنافع. إن الكرامة تتطلب أكثر من مجرد كلمات، بل تتطلب معادلات تربك حسابات الخصوم.

ما يحدث في الدوحة اليوم يمثل امتحانًا لوعينا قبل أن يكون مجرد حدث عسكري. إذا تعاملنا معه كحدث عابر، فقد نعطي الموافقة على تطبيع الاستثناء وتعميم العجز. لكن، إذا نظرنا إليه كنقطة لانطلاق تفكير شجاع، فبإمكاننا أن نحول التحديات إلى فرص فعلية: بناء تحالفات واقعية، وتحديد قواعد اشتباك سياسية وقانونية واضحة، وإحياء معنى “الجماعة السياسية” التي تتجاوز الحدود عندما تتعرض السيادة للإهانة. أكتب مرة أخرى لأن الصمت يعد تواطؤًا مع الجريمة، ولن يكفي مقال واحد أمام زلزال يُهدد أسس عقدنا المدني ومعنى دولتنا. علينا أن نعيد بناء لغتنا بما يتناسب مع الفعل، أو نستمر في الانزلاق حتى نصبح هامشًا في صفحات الآخرين. فالتاريخ لا يحتفظ بالبكائيات، بل يُسجل من يصنعون المعادلات.

قصف الدوحة: سقوط عقد الحماية واختبار المعنى العاجل

في موضوع قصف الدوحة، الذي يعد سقوطًا لعقد الحماية واختبارًا للمعنى، تم نشر المقال اليوم ()، وهو متوفر على جو 24 ( الأردن ) وقد تأكد فريق التحرير في برس بي من مدى دقته، وقد يكون تم تعديله أو نقله بالكامل أو الاقتباس منه. يمكنك متابعة مستجدات هذا الموضوع من مصدره الأصلي.

التفاصيل من المصدر – اضغط هنا

ختامًا، نأمل أن نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات متعلقة بموضوع قصف الدوحة: سقوط عقد الحماية واختبار المعنى العاجل.

Apple Storegoogle play

في الموقع أيضًا: