التأخيرات المستمرة في صفقات البطاريات تؤثر بشكل غير مباشر على تقلبات سعر الذهب عالمياً

كاميلا هودجسون

شهدت أكثر من نصف الصفقات المبرمة بين شركات صناعة السيارات الغربية وشركات التعدين خلال فترة السعي لتأمين إمدادات معادن البطاريات، تأخيرات كبيرة أو تعديلات جوهرية أو حتى إلغاءات، نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار معادن أساسية مثل الليثيوم.

تحديات صفقات المعادن الحيوية وتأثير انخفاض أسعار الليثيوم

كانت شركات كبرى مثل جنرال موتورز، تيسلا، وستيلانتس قد أبرمت صفقات طويلة الأجل لشراء معادن مهمة، منها الليثيوم والنيكل، بدءاً من عام 2020، بهدف حماية سلسلة التوريد من نقص المواد الخام الحيوية في ظل السباق المتصاعد نحو تصنيع السيارات الكهربائية، إلا أن تراجع الأسعار بشكل كبير عن مستويات الذروة أضر بقدرة شركات التعدين على تأمين تمويل مستدام للمشاريع الجديدة.

هذا الوضع يقلص فرص تطوير بدائل لسلاسل التوريد المهيمنة عليها الصين، التي توفر المعادن الأساسية لمختلف الصناعات الحيوية، من السيارات الكهربائية إلى الصناعات الدفاعية، في حين أن بطء إجراءات منح التصاريح للمشاريع التعدينية الجديدة أدى إلى تأخيرات إضافية في مواعيد تسليم المعادن.

إلغاء وتأجيل الصفقات: واقع صناعة المعادن الأساسية للبطاريات

بحسب تحليل فاينانشيال تايمز لقاعدة بيانات «بينشمارك مينيرال إنتليجنس»، تم إلغاء أو تعديل 17 من أصل 32 صفقة لتوريد الليثيوم والنيكل والكوبالت بين عامي 2020 و2024، حيث أُجّلت مواعيد التسليم أو أعيد التفاوض على الشروط، وذلك بسبب تراجع أسعار هذه المعادن وارتفاع فائض المعروض الناتج عن توسع الإنتاج في الصين.

وانخفضت أسعار كربونات الليثيوم إلى أقل من 10,000 دولار للطن في أكتوبر الماضي، بعد أن كانت قد تجاوزت 70,000 دولار في عام 2023، مما خفّض من جاذبية اتفاقيات شراء المستقبل التي تعين شركات التعدين على جمع التمويل اللازم.

تبدلات استراتيجية لشركات السيارات مع انخفاض أرباح السيارات الكهربائية

أدت وفرة معادن البطاريات إلى تخفيض التزام شركات تصنيع السيارات باتفاقيات الشراء الطويلة الأجل، خاصة مع تضاؤل ربحية المركبات الكهربائية مقارنة بالنماذج التقليدية، وتزايد المخاوف من تباطؤ السوق الأمريكي نتيجة سياسات الإدارة السابقة، مما انعكس على تخفيض أهداف إنتاج السيارات الكهربائية.

وبناءً على رأي خبراء واستشاريين، أصبحت التأخيرات والتعديلات في جداول توريد معادن البطاريات هي “الوضع الطبيعي” الحالي، إذتعمل الأطراف على إعادة ضبط مواعيد التسليم وآليات تسعير المعادن لضبط التحديات المالية والتقنية.

أمثلة عملية على تأثير الأزمة في مشاريع التعدين المستقبلي

على سبيل المثال، أعلنت فورد في 2022 اتفاقاً لشراء الليثيوم من مشروع «رايولايت ريدج» في نيفادا، لكن بناء المنجم لم يبدأ بعد، مما أدى لتغيير تاريخ بدء الإنتاج إلى 2028، بعد انسحاب شركة «سيبين ستيلووتر» الجنوب أفريقية من الاستثمار في المشروع مقابل 500 مليون دولار.

تطوير استراتيجيات جديدة وتأثيرها على تمويل التعدين

أكد جاسبر جونغ، مدير السياسة العامة العالمية في جنرال موتورز، أن شركات السيارات تتبنى نهجاً أكثر استراتيجية، حيث لا تركز فقط على تأمين كميات خام كبيرة، بل تعيد تقييم مكونات البطاريات، ومنها تقليل الاعتماد على النيكل العالي، مما يدفع لاعتماد سياسات أكثر مرونة وفعالية في إدارة سلاسل التوريد.

من جهة أخرى، يرى خبراء أن صفقات التوريد المباشر تمثل قيمة كبيرة، خصوصاً لشركات التعدين الصغيرة، لأنها تُظهر حجم الطلب الكبير، وتُسهل عملية تمويل المشاريع من خلال تعزيز قابلية التمويل لدى المستثمرين.