كيف يؤثر الكيمتريل على ضعف الموسم المطري في بلاد الشام وما الأبعاد البيئية لهذا القضية المثيرة للجدل

طقس العرب – في الآونة الأخيرة، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ادعاءات ترتبط بين “غاز الكيمتريل” والخطوط البيضاء التي تظهر في السماء بعد مرور الطائرات، وبين ظواهر مناخية مثل الانحباس المطري. يعتقد بعض الناس أن هذه الخطوط ناتجة عن مواد كيميائية تُرش بشكل متعمد للتأثير على الطقس أو التحكم بالمناخ، في حين يؤكد العلماء أن ما نراه هو ببساطة بخار ماء متجمد ناتج عن عوادم الطائرات في طبقات الجو العليا.

في ظل هذه المزاعم والتفسيرات العلمية، تتجدد الأسئلة: هل هناك فعلاً علاقة بين الكيمتريل وتراجع الأمطار، أم أن هذه الظواهر تُفسَّر بعوامل مناخية طبيعية؟ يُسلط المختصون في هذا المقال الضوء على أصل الفكرة والأدلة العلمية المتعلقة بها، ويستعرضون الموقف العلمي حول تأثير الطائرات على الطقس في المنطقة.

أصل فكرة الكيمتريل

تعود جذور فكرة “الكيمتريل” إلى أواخر التسعينات، عندما لاحظ البعض خطوطًا بيضاء طويلة تبقى في السماء بعد مرور الطائرات، ففُسرت كمواد كيميائية تُرش لأغراض سرّية مثل التحكم في الطقس. تعززت هذه الفكرة بعد نشر تقرير أمريكي عام 1996 ناقش إمكانية استخدام تقنيات لتعديل الطقس. على الرغم من أن التقرير كان بحثًا افتراضيًا، إلا أنه أدى إلى اعتقاد بعض الأفراد بوجود برامج سرية.

التفسير العلمي للخطوط البيضاء

أرجع العلماء الخطوط البيضاء التي تُرى خلف الطائرات إلى ظاهرة طبيعية تعرف بخطوط التكاثف (Contrails) التي تتشكل عندما يتحول بخار الماء من عوادم الطائرة إلى بلورات ثلجية في طبقات الجو الباردة. تختلف مدة بقاء هذه الخطوط حسب الرطوبة ودرجة الحرارة، حيث قد تستمر لفترة أطول في الظروف الرطبة.

تأثير خطوط الطائرات على الطقس والأمطار

علميًا، لم تُثبت أي دراسة وجود علاقة بين خطوط الطائرات وتأخر الأمطار أو حدوث الجفاف، إذ تتكون هذه الخطوط في الطبقات العليا من الغلاف الجوي على ارتفاع بين 8 و12 كيلومترًا، وهي بعيدة عن المناطق التي تحدث فيها السحب الماطرة. بينما قد تؤثر هذه الخطوط بشكل طفيف على درجة الحرارة، فإنها لا تغير أنماط الأمطار بشكل فعلي.

أما أساليب تعديل الطقس المعروفة، مثل استمطار السحب (Cloud Seeding)، فتُستخدم في ظروف محددة وبمواد كيميائية معروفة، ولكن نتائجها تكون محدودة وغير مضمونة. لذا، الاعتقاد بأن “الكيمتريل” مرتبط بالانحباس المطري في بلاد الشام لا يستند إلى أي دليل علمي موثوق، بل يتعارض مع نتائج الأبحاث والدراسات في هذا المجال.

و الله تعالى أعلى و أعلم.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *