نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحل البابا فرنسيس فمن سيتجرأ على حمل الشعلة؟, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 06:18 صباحاً
ترك رحيل البابا فرنسيس (خورخيه ماريو بورغوليو) حزناً عميقاً في قلوب المؤمنين حول العالم، إذ فقدت الكنيسة الكاثوليكية قائداً روحياً فريداً استطاع أن يحدث تغييراً جذرياً في نهج الفاتيكان وعلاقته بالعالم. تميّز البابا بأفكاره المنفتحة ونهجه الإصلاحي الذي سعى من خلاله إلى تجديد الكنيسة وتقريبها من الناس.
تولى البابا الراحل قيادة الكنيسة في ظروف استثنائية، إذ جاء خلفاً للبابا بنديكتوس السادس عشر الذي استقال من منصبه في خطوة غير مسبوقة منذ قرون، وواجه تحدياً كبيراً تمثل في إعادة الثقة بالكنيسة وإصلاح مؤسساتها، في وقت كانت تعاني فيه من أزمات متعددة. ومع ذلك، استطاع أن يثبت جدارته وأن يكسب محبة الملايين حول العالم.
نهج البابا اليسوعي وحماسته للتغيير، جعلت مقارنته بالبابا القديس يوحنا بولس الثاني امراً حتمياً، إذ تشابها في القدرة على التواصل مع الجماهير وخاصة الشباب، وهو نجح، على غرار سلفه البولندي، في خلق حيثية روحية وشعبية كبيرة، متجاوزاً حدود المؤسسة الدينية التقليدية، واستطاع الوصول إلى قلوب الناس من خلال بساطته وتواضعه واهتمامه بالفقراء والمهمشين.
من أبرز ما تميز به البابا فرنسيس، قدرته الاستثنائية على مد جسور التواصل مع مختلف الديانات والثقافات. سعى جاهداً لتعزيز الحوار بين الأديان وتقريب وجهات النظر بين المسيحية والإسلام واليهودية وغيرها من الديانات. زار العديد من البلدان الإسلامية وعقد لقاءات تاريخية مع قادة دينيين من مختلف أنحاء العالم، كما انه وقّع في العام 2019، مع شيخ الازهر في دولة الامارات، وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وصفت بالتاريخية، وهي تتضمن دعوة لنشر ثقافة السلام واحترام الغير وتحقيق الرفاهية بديلا عن ثقافة الكراهية والظلم والعنف.
وقد انعكست هذه الجهود في موجة الحزن العالمية التي أعقبت وفاة البابا الارجنتيني، إذ نعاه قادة دينيون وسياسيون من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الديانات، إضافة الى رياضيين وفنانين وشباب. لكن الملفت كان غياب النعي من المسؤولين الإسرائيليين، ما يعكس حالة من التوتر سادت العلاقة بين البابا والحكومة الإسرائيلية بسبب مواقفه المناصرة للسلام والعدالة في فلسطين.
يترك رحيل البابا فرنسيس فراغاً كبيراً في قيادة الكنيسة الكاثوليكية وفي الساحة الدولية. وسيواجه مجمع الكرادلة تحدياً صعباً في اختيار خليفة قادر على استكمال مسيرة الإصلاح التي بدأها. فالبابا الجديد سيكون أمام مسؤولية كبيرة تتمثل في الحفاظ على روح الانفتاح والتجديد التي انتهجها البابا فرنسيس، مع مواجهة التحديات المعاصرة التي تواجه الكنيسة والعالم.
تبقى إنجازات البابا الراحل وإصلاحاته، شاهداً على فترة حكمه، وستظل ذكراه حية في قلوب الملايين ممن تأثروا بشخصيته المتواضعة ونهجه الإنساني. لقد كان أكثر من مجرد قائد ديني، اذ تحوّل صوتاً للضمير الإنساني في عالم مضطرب، يدعو للسلام والعدالة والتسامح بين البشر جميعاً، ولن يكون من السهل انتخاب خلف له يتمتع بالصفات والأفكار نفسها التي سار عليها، والاهم ان البابا الجديد سيكون امام تحديات متعاظمة روحية واجتماعية وفكرية وسياسية، في عصر الانطلاق الصاروخي للذكاء الاصطناعي الذي بات يعتمد عليه الناس اكثر فأكثر كل يوم، ومن الصعوبة بمكان التعاطي معه من منظار استيعابي لئلا يهمّش الأفكار الدينية، او يدفع الى مواجهته لكسب تعاطف الناس الذين سيقفون في صفه ضد التقاليد والعادات التي يرون انها تقيّدهم، وهنا يبرز التحدي الكبير.
0 تعليق