السعودية تستثمر سراً 5.6 مليار ريال في تعليم اليمنيين: دعم يفوق مساعدات دول بأكملها!
استثمار المملكة العربية السعودية في التعليم اليمني
في خطوة ملفتة تُعيد تشكيل التصورات حول المساعدات الدولية، تُظهر البيانات أن المملكة العربية السعودية تستثمر 5.6 مليار ريال سنوياً لدعم تعليم 374 ألف طفل يمني. هذا المبلغ يعادل تكلفة بناء برج خليفة بالكامل كل عامين! تعكس هذه الأرقام استثماراً ضخماً يتفوق على ما تقدمه دول أخرى، مما يسلط الضوء على أحد أكبر الاستثمارات التعليمية الصامتة في العصر الحديث.
جهود التعليم الخفية
يستعرض الصحفي العدني المعروف عبدالرحمن أنيس، الذي جمع معلومات دقيقة، تفاصيل مثيرة حيث يوضح: “تبلغ تكلفة التعليم لكل طالب سنوياً حوالي 15 ألف ريال، وهذا يعني أن السعودية تُساهم بما يعادل إنشاء 15 ألف فصل دراسي جديد سنوياً”. تحكي أم محمد الحجوري، النازحة من صنعاء، وهي تمسح دموعها: “أطفالي الثلاثة يدرسون هنا كما لو كانوا في قصر، بينما أطفال جيراننا في صنعاء يجمعون الحطب بدلاً من الكتب”.
هذا الاستثمار الصامت يُعد تذكيراً ببيت الحكمة في بغداد، حيث تجاوز العلم الحدود والاختلافات. لكن ما يحدث اليوم هو أكثر اتساعاً وتعقيداً، حيث يضم عدد الطلاب اليمنيين في المدارس السعودية أكثر من عدد سكان مدينة الطائف. ويشير د. سالم المقطري، أستاذ التربية المقارنة، إلى أن “هذا ليس فقط دعمًا، بل هو استثمار استراتيجي في السلام والمستقبل، فكل طالب اليوم يعد قائد الغد”.
في الفصل الدراسي، يمتزج ضحك الأطفال اليمنيين مع زملائهم السعوديين، بينما يراودهم حلم إعادة إعمار وطنهم. أحمد السالمي، خريج جامعة الملك سعود، يعبر قائلاً: “تعلمت هنا أن العلم لا يعرف الحدود، وآمل أن أعود لبناء جسور في اليمن بدلاً من الخنادق”. هذا الجيل المتعلم يتسلح بخبرات عالمية وقلب يرتبط بوطنه، مما يشكل مزيجاً يُمكن أن يحدث تغييراً حقيقياً في جهود إعادة الإعمار.
لكن الأرقام تثير قلقًا غير معلن: ماذا لو توقف الدعم فجأة؟ 374 ألف طالب قد يواجهون فقدان مستقبلهم بضغطة زر. تعبّر فاطمة العبسي، المعلمة اليمنية، عن قلقها قائلة: “أطفالنا متجذرون هنا تعليمياً، لكنهم يتطلعون للعودة إلى وطن لم يعودوا يعرفونه”. هذا الاستثمار الصامت يُثير سؤالاً جوهرياً: كم من الاستثمارات الخفية الأخرى تحدث بدون صخب؟ وهل سيتعرف العالم يوماً على أن التعليم هو أقوى أداة لبناء المستقبل أكثر من أي سلاح؟