في أروقة شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، لم تكن البداية تقليدية، ولم يكن الحضور شكليًا، بل كانت المفاجأة من العيار الثقيل، رجل جاء لا ليملأ مقعدًا، بل ليقلب الموازين ويعيد ترتيب البيت من الداخل.

الساحة منذ اللحظة الأولى وهو يعرف جيدًا ما ينتظره

المهندس حسن البيلي، القادم الجديد إلى سدة القيادة، لم ينتظر حتى يهدأ غبار الانتقال، بل دخل الساحة منذ اللحظة الأولى وهو يعرف جيدًا ما ينتظره من تحديات، لم يكتف بالجلوس خلف المكتب، بل اختار أن يكتشف الواقع بنفسه، وأن يرسم طريقه بعيدًا عن التقارير المنمقة والنصائح الموجهة.

منذ أول يوم، كانت قراراته حاسمة ورسائله واضحة: لا مكان للتهاون، ولا تسامح مع الإهمال. بدأ بخطوة رمزية ولكنها ثقيلة الدلالة، حيث قلص التواصل مع طاقم مكتب الرئيس السابق، وأمر بتغيير مفاتيح المكتب وعدم تسليم نسخ لأي من العاملين السابقين فيه. 

ثم انتقل إلى مسألة الحضور والانصراف، والتي أثارت استغرابه حين علم أن الموظفين ما زالوا يستخدمون الدفاتر الورقية. فورًا، أمر بتركيب أجهزة بصمة إلكترونية تعكس روح العصر وتحفظ الانضباط.

البيلي لم يتردد في وضع يده داخل "عش الدبابير"، حينما طالب بحصر أعداد الموظفين العاملين بمكاتب نواب رئيس الشركة، واتخذ خطوات جريئة لتقليصهم وإخضاعهم لنظام الحضور والانصراف، بعد أن اكتشف أنهم لا يلتزمون به.

أما المشهد الذي كشف عن وجهه الحازم فكان أثناء اجتماع داخلي، عندما حاول أحد رؤساء القطاعات تقديم توصية بترشيح موظف، فما كان من البيلي إلا أن أوقفه بقوله: "محدش يشكر لي في حد.. أنا هتعامل مع الكل وأحكم بنفسي".

صورة واضحة عن الواقع الذي يتعامل معه

اللافت أن البيلي يتنقل بين طوابق المبنى دون مصعد، مترجلاً على السلالم، يراقب ويرصد، ويفاجئ المكاتب بدخوله المفاجئ، يلتقط ملاحظاته بنفسه، ويكوّن صورة واضحة عن الواقع الذي يتعامل معه، بعيدًا عن المجاملات والتقارير المكتبية.

ربما تبدو خطواته بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها تغييرات جوهرية، ورسائل حاسمة لكل من اعتاد على الروتين أو تسلل إليه التراخي، البيلي لا يراهن على الوقت، بل يصنع الفارق منذ البداية، معلنًا أن سياسة "السكوت عن الخلل" انتهت، وأن مرحلة جديدة قد بدأت.

تحية لكل من يبدأ من أول لحظة ببصمة واضحة.. وتحية خاصة للمهندس حسن البيلي على انطلاقة تعكس الوعي والإصرار في قيادة واحدة من أهم شركات توزيع الكهرباء في مصر.