نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحديات التي تواجه لبنان بعد حل أزمة سلاح حزب الله, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 02:17 صباحاً
في ظل المعمعة القائمة حول سلاح حزب الله ووجوب "تسليمه" او "نزعه" او "انتهاء دوره"، وبغض النظر عن النتيجة التي قد يطول الوقت بعض الشيء قبل الوصول اليها، من المهم القاء نظرة موضوعية سريعة على وضع لبنان اذا ما انتهت مسألة السلاح بالفعل والقول، وفق أي صيغة كانت.
في الواقع، يواجه لبنان تحديات استراتيجية وأمنية جسيمة في هذه الحالة، إذ أن هذا السيناريو سيضع الدولة اللبنانية أمام استحقاقات أمنية ودفاعية معقدة في ظل الواقع الإقليمي المتوتر. فالتهديدات الإسرائيلية المستمرة على الحدود الجنوبية، والتحديات القادمة من سوريا على الحدود الشرقيّة والشماليّة، تفرض على لبنان إعادة تقييم منظومته الدفاعية بشكل جذري، خاصة مع الحظر المفروض على تسليح الجيش اللبناني بشكل كافٍ.
تكمن المشكلة الأساس في ضعف القدرات الدفاعية للجيش اللبناني، خاصة في مجال الدفاع الجوي الذي يُعد العمود الفقري لأيّ استراتيجية دفاعيّة فعالة. فالجيش يفتقر إلى منظومة متكاملة من طائرات حربيّة حديثة وبطاريات صواريخ دفاع جوي متطورة، مما يجعل الأجواء اللبنانية مكشوفة أمام أي اختراق جوي. وقد شكلت الإمكانيات العسكرية لحزب الله، رغم الجدل حول شرعيتها، قوة ردع في مواجهة التهديدات الخارجية، لكن غيابها سيترك فراغاً أمنياً كبيراً ما لم يتم تعزيز قدرات الجيش، خصوصاً وان "الفيتو" الدولي على تسليحه كما يلزم، لا يزال قائماً ومن غير المتوقع ان يتم رفعه لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد.
إضافة الى ذلك، صحيح ان الدولة تعاني من وجود "دويلة" حزب الله وغالباً ما كان يتم انتقادها على وجود دولة ضمن دولة، الا ان الشق الإيجابي كان في امكان القاء المسؤولية على الحزب وتجنيب الدولة التداعيات، كما حصل في كل المواجهات والحروب مع إسرائيل، اذ كانت الدولة الى حد ما بعيدة عن المحاسبة، ولو ان الخسائر البشرية والمادية كانت تطال لبنانيين ومناطق عديدة، ولكنها في الوقت نفسه، لم تشمل كل المناطق وجميع اللبنانيين. اما بعد تسليم السلاح، فستكون الدولة في الواجهة، وستتحمل وحدها تبعات أي مواجهة مع إسرائيل (ولو انها ستكون بالطبع غير متكافئة).
على الصعيد الداخلي، سيجد الجيش اللبناني نفسه أمام تحديات جسيمة تتعلق بتولي المسؤوليات الأمنية في المناطق التي كانت تحت سيطرة حزب الله، مما يتطلب زيادة في القوى البشرية والتجهيزات اللوجستية. كما سيضطر الجيش إلى نشر قوات إضافية على طول الحدود مع إسرائيل وسوريا في وقت واحد، وهو ما يشكل ضغطاً هائلاً على موارده المحدودة أصلاً. إن تعزيز قدرات الجيش اللبناني يصطدم بواقع مالي واقتصادي صعب، فالأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان تحول دون تخصيص موازنات كافية للتسلح والتجهيز. كما أنّ المساعدات العسكرية الدولية للبنان غالباً ما تأتي مشروطة بقيود سياسية، وتركز على التسليح الخفيف ومكافحة الإرهاب، وليس على بناء قدرات دفاعية استراتيجيّة، وهذا ما أدى الى طلب الجيش مساعدات مالية ولوجستية لمساعدته على الاستمرار.
ولعل ما قامت به إسرائيل في سوريا، لجهة ضرب الترسانة العسكريّة بالكامل فور انهيار نظام بشار الأسد، خير دليل على النوايا المبيّتة للمنطقة لجهة عدم السماح باخلال التفوق الاستراتيجي العسكري المطلق لإسرائيل في كل الشرق الأوسط.
يبقى لبنان ساحة للتنافس الإقليمي والدولي، وقد يؤدي فراغ القوة الناتج عن انتهاء أزمة سلاح حزب الله إلى تدخلات خارجية جديدة، أو محاولات لملء الفراغ من قبل لاعبين آخرين، مما قد يهدد السيادة اللبنانية. وعليه، يبقى العمل على بناء دولة قوية ذات سيادة كاملة هو التحدّي الأكبر الذي يواجه لبنان.
0 تعليق