تشهد الساحة اللبنانية تصعيداً كلامياً جديداً أعاد إلى الأذهان سيناريوهات الحرب الأهلية، مع إعلان حزب الله رفضه المطلق لنزع سلاحه، بالتزامن مع رد ساخر من نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، التي سخرت عبر منصة "إكس" من تصريحات نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، ووصفتها بأنها مملة وغير مؤثرة.

نعيم قاسم قال في تصريح لافت: "بدكن تشيلوها من القاموس... فكرة نزع السلاح"، مؤكدًا أن الحزب سيواجه أي محاولة لنزع سلاحه كما واجه إسرائيل. هذا التصريح أثار ردود فعل واسعة، حيث اعتُبر بمثابة تهديد مباشر للاستقرار الداخلي، وتلميحًا لاحتمال العودة إلى الصراع المسلح في حال فُرضت تسوية على الحزب.

جاء الرد الأميركي بطريقة غير تقليدية، حيث علّقت أورتاغوس على تصريح قاسم بكتابة كلمة "yawn" (أي "تثاؤب") في إشارة ساخرة إلى أن كلامه مكرر وغير جدير بالاهتمام، ما يعكس استخفافًا أميركيًا متعمّدًا بتصعيد الحزب.

"سنقطع اليد التي تمتد إلى السلاح"

بعد يومين فقط، صعّد محمود قماطي، القيادي في الحزب، من لهجته محذرًا من أن "اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة ستُقطع"، ما زاد من حدة الخطاب وأثار انتقادات سياسية داخلية، خاصة من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي شدد على أن "منطق التهديد والوعيد يتناقض مع مفهوم الدولة والسلم الأهلي".

حزب الله يربط سلاحه بانسحاب إسرائيل

من جهته، قال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا، إن حزب الله لن يناقش مسألة تسليم السلاح ما لم تنسحب إسرائيل بالكامل من الأراضي اللبنانية، داعيًا إلى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان بدلاً من المطالبة بنزع سلاح الحزب.

جدل داخلي.. واستراتيجية غائبة

الخبير العسكري والاستراتيجي العميد هشام جابر، وخلال مشاركته في برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أشار إلى أن الخطاب الأخير لنعيم قاسم كان "أكثر خطابات الحزب واقعية".

وأوضح أن أي صيغة دفاعية واقعية يجب أن تُطرح ضمن مجلس الوزراء وتُعرض على مجلس النواب، داعيًا إلى دمج سلاح الحزب ضمن المؤسسة العسكرية بإشراف الدولة، مع ضمان جاهزية مقاتليه للعودة للدفاع عند الحاجة.

ورغم إقراره بأن الحزب يملك حججًا مثل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن العميد جابر رفض منطق "العليّ وعلى أعدائي"، محذرًا من أن أي مسعى لنزع السلاح بالقوة سيقود إلى تفكك المؤسسة العسكرية، داعيًا إلى تجنيب لبنان هذا المسار الخطير.

إيران تعيد ضبط إيقاع الحزب

وتطرق النقاش إلى العلاقة بين إيران وحزب الله، في ضوء التحولات الإقليمية الجارية.

واعتبر جابر أن إيران ربما تسعى لإعادة تموضع حزب الله ليكون أكثر لبننة وأقل تورطًا خارجيًا، بعد تداعيات تدخله في غزة وسوريا، مشيرًا إلى أن بقاء الحزب على قيد الحياة السياسية قد يتطلب منه خطابًا أكثر مرونة داخليًا.

بين الاستفزاز والاحتواء

في ختام النقاش، حذر جابر من أن الضغط المزدوج، الداخلي والإسرائيلي، على حزب الله قد يدفعه إلى رد عسكري محسوب، مشيرًا إلى ضرورة أن تلعب الدولة اللبنانية دورًا أكبر في احتواء التصعيد، ودفع إسرائيل لوقف اعتداءاتها.