التجارب السعودية والمصرية تضيء طريق العراق لمواجهة أزمة الدين العام
ارتفاع الدين العام في العراق وتحدياته الاقتصادية
شهد العراق زيادة في نسبة الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس التحديات المتزايدة التي تواجه السياسة المالية للدولة. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة ليست بمثابة خطر مباشر على الاستقرار الاقتصادي، إلا أنها تثير تساؤلات حول استدامة المالية العامة في ظل الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية وتقلبات الأسواق العالمية. وفقًا لموقع Trading Economics الأمريكي، ارتفع معدل الدين العام في العراق إلى 42.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ 42.1% في عام 2023. ويعبر الناتج المحلي الإجمالي (GDP) عن القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات النهائية التي يتم إنتاجها داخل حدود الدولة خلال فترة زمنية محددة.
التحديات المالية والاعتماد على النفط
يري المختصون أن ارتفاع الدين العام في العراق، رغم كونه محدودًا حاليًا، يتطلب الحذر ووضع خطط استباقية لتفادي تفاقم الأعباء المالية في المستقبل. حيث يزيد الاعتماد المستمر على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات من المخاطر في حال حدوث تقلبات في الأسعار العالمية. يتعين على العراق تنويع مصادر الدخل وتطوير أدوات الدين المحلي لضمان استدامة التمويل وتقليل كلفة خدمة الدين على الموازنة العامة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه أن ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العراق ليس مؤشراً مقلقاً على المدى القريب، ولكنه يتطلب متابعة دقيقة لتطورات الدين العام خلال السنوات المقبلة. ولفت إلى أن الزيادة البالغة 0.8 نقطة مئوية لا تعني حدوث أزمة مالية، ولكن استمرار هذه الاتجاهات بدون حلول مناسبة قد يضر بقدرة الحكومة على تمويل مشاريعها التنموية.
وأشار عبد ربه إلى أن تجارب الدول العربية والأوروبية أثبتت أن حجم الدين ليس هو العنصر الوحيد المهم، بل أيضًا نوعيته وآجاله وشفافية البيانات المالية، ففي المقابل، استطاعت دول مثل السعودية الحفاظ على نسب دين منخفضة بفضل سياسات مالية حكيمة. بينما تدخلت دول أخرى مثل مصر في إجراءات تقشفية وصنفت برامج إصلاح لديها لمواجهة أعباء الدين.
إن العراق بحاجة ماسة إلى تنويع الإيرادات بعيدًا عن النفط، وتطوير سوق الدين المحلي بأدوات طويلة الأجل، بجانب ضرورة ترشيد الإنفاق وتعزيز الشفافية المالية. إن استمرار الاعتماد على الإيرادات النفطية، حيث تشكل أكثر من 90% من الإيرادات الحكومية، يجعل الاقتصاد عرضة للمخاطر المالية. يستدعي ذلك تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية في القطاعات غير النفطية لضمان تحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي.
