محمد الحيدر في ‘معادلة’: تحديات سلامة المرضى بسبب غياب الشفافية رغم المبادرات
سلامة المرضى في النظام الصحي
في زاويته “معادلة” بصحيفة الرياض، يستعرض الكاتب محمد الحيدر رؤية ناقدة لواقع “سلامة المرضى”، موضحًا أنها تمثل الرؤية الأساسية في أي نظام صحي يسعى للوصول إلى أفضل النتائج. وينبه الحيدر إلى أن الأخطاء التشخيصية تسهم في 10٪ من وفيات المستشفيات الأمريكية، مشيرًا إلى أن الشفافية في إبلاغ الأخطاء تعزز الثقة لدى المرضى وتشجع على تحسين مستويات الأداء.
أمان المريض في المستشفيات
ويؤكد الحيدر أن المستشفيات في المملكة العربية السعودية تضع سلامة المرضى على رأس أولوياتها، من خلال تطبيق معايير صارمة وإجراءات تهدف إلى تقليل الأخطاء الطبية، محاربة العدوى، وضمان الاستخدام الأمثل للأدوية. وتدعم هذه الجهود التكنولوجيا الحديثة مثل السجلات الطبية الإلكترونية وأنظمة الدواء بالباركود.
ومع ذلك، يعتبر الحيدر أن التحدي الأكبر يكمن في غياب الإحصاءات المنتظمة حول مؤشرات سلامة المرضى، مما يضعف قدرة المرضى على تقييم مستويات الأمان في المستشفيات، ويحرمهم من إجراء مقارنات موضوعية بين المنشآت الصحية المختلفة.
تتجدد الدعوة كل عام إلى عالم تتمتع فيه “الرعاية الصحية” بالثقة والأمان، وفي السابع عشر من سبتمبر، يحتفي العالم باليوم العالمي لسلامة المرضى، مما يوفر فرصة لتعزيز الوعي وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية: المرضى، العاملون في قطاع الصحة، وقادة الرعاية الصحية.
تعتبر “سلامة المريض” جوهر أي نظام صحي يسعى إلى تحقيق نتائج متميزة. عالميًا، تُعتبر الأخطاء التشخيصية قضية صحية عامة رئيسية، حيث تشير الأبحاث إلى أن حوالي 10 % من الوفيات في المستشفيات الأمريكية ترتبط بهذه الأخطاء. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي 17 % من الأحداث الضارة في تلك المستشفيات إلى أخطاء تشخيصية.
على الرغم من صدمة هذه الأرقام، يتميز النظام الصحي الأمريكي بشفافية عالية في تقرير الأخطاء الطبية الكبيرة والصغيرة ونشر الإحصاءات ذات الصلة. تعزز هذه الشفافية -رغم قسوة الأرقام- من ثقة المريض في النظام الصحي، مما يشجع على تحسين الأداء.
محليًا، تركز المستشفيات السعودية على سلامة المرضى، إدراكًا أن جودة الرعاية لا تقاس بكفاءة العلاج فقط، بل أيضًا بمدى الأمان الذي يتلقاه المريض. أصبح الالتزام بمعايير السلامة أمرًا أساسيًا، حيث تفرض هذه المعايير إجراءات دقيقة للحد من الأخطاء الطبية، ومحاربة العدوى، وضمان الاستخدام الفعال للأدوية. كما اتجهت وزارة الصحة والمستشفيات الكبرى نحو بناء ثقافة داخلية تعتمد على الشفافية والإبلاغ المبكر عن الحوادث الطبية، بعيدًا عن العقوبات، مما يمكّن من تصحيح الأخطاء قبل تفاقمها. تسهم التقنية بدور محوري أيضًا في هذا السياق، حيث تساهم السجلات الطبية الإلكترونية وأنظمة توزيع الأدوية بالباركود في تقليل المخاطر وتحسين سلامة المرضى.
على الرغم من هذه الجهود، يبقى التحدي الأبرز في غياب الإحصاءات المعتادة حول مؤشرات سلامة المرضى. فلا يزال هناك نقص في البيانات المتعلقة بعدد الأخطاء الطبية، الجسيمة وغير الجسيمة، بشكل شفاف، مما يحد من قدرة المرضى على تقييم مستوى الأمان في المستشفيات المختارة. كما أن عدم توفر قوائم واضحة للمستشفيات الأكثر التزامًا بمعايير السلامة يعيق المرضى من اتخاذ قرارات مستنيرة. ومع الأسف، ما زالت بعض المستشفيات في المملكة لا تفي بالمستوى المطلوب في تطبيق معايير السلامة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أبعاد نفسية ضارة للمرضى وذويهم نتيجة الأخطاء التي كان بالإمكان تفاديها.
هذا الواقع -رغم محدودية نطاقه- يستدعي تكاتف الجهود من أجل تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة. إن نشر هذه المعلومات بشكل شفاف لا يعزز ثقة المريض فحسب، بل يسهم أيضًا في خلق منافسة صحية بين المستشفيات لرفع معايير الجودة والسلامة، مما يجعله أمرًا جوهريًا في المرحلة المقبلة من التحول الصحي.
