شركات الأسمنت السعودية تواجه تحديات جمة في ظل منافسة حادة تضغط على هوامش الأرباح وتقوض الاستدامة المالية

على الرغم من النمو الذي حققه قطاع الأسمنت السعودي في مبيعات الربع الثالث من عام 2025 بنسبة 12% مقارنة بالعام السابق، إلا أن هذا الارتفاع لم ينعكس إيجابًا على الأرباح، بل شهد القطاع تراجعًا ملحوظًا تجاوز 52%، مما يعكس التحديات الهيكلية التي تواجهه في الوقت الحالي، هذا التناقض يشير إلى أن المشكلة الأساسية ليست في ضعف الطلب، وإنما في زيادة المعروض وتخمة الإنتاج التي دفعت الشركات إلى منافسة شرسة على الأسعار، مما أثر سلبًا على هوامش الربح.

تحديات تواجه قطاع الأسمنت السعودي: تخمة المعروض وحرب الأسعار

السوق يعاني من فائض كبير في المعروض، وخاصة مخزون الكلنكر، المادة الأساسية في صناعة الأسمنت، الشركات تسعى جاهدة للتخلص من هذا المخزون المكلف قبل أن يفقد جودته، مما يجبرها على خفض الأسعار بشكل كبير، هذا الأمر يؤدي إلى تآكل الأرباح وخلق بيئة تنافسية صعبة.

أسمنت اليمامة كمثال: زيادة المبيعات مقابل تراجع الأرباح

حتى الشركات التي تمتلك خطوط إنتاج حديثة وتكاليف أقل، مثل أسمنت اليمامة التي تستخدم الغاز الطبيعي، لم تسلم من هذا التراجع، على الرغم من زيادة مبيعاتها بنسبة 66%، إلا أن أرباحها انخفضت بنسبة 63%، مما يؤكد أن تخفيض الأسعار كان الحل لزيادة المبيعات.

استراتيجيات الشركات: الكفاءة والتحول نحو الغاز الطبيعي

الشركات التي أدركت مبكرًا أن الحل ليس في زيادة الإنتاج، بل في تحسين الكفاءة، بدأت في التحول نحو استخدام الغاز الطبيعي وتقليل تكلفة إنتاج الوحدة، هذه الخطوات تمنحها قدرة أكبر على الصمود في وجه حرب الأسعار وتخفف من حدة تراجع الأرباح.

الربع الثالث 2025: ارتفاع المبيعات دون أرباح

يوضح الربع الثالث من عام 2025 هذا التناقض، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 12%، ولكنها لم تترجم إلى أرباح بسبب انخفاض الأسعار، هذا الوضع يجعل زيادة المبيعات تبدو شكلية، تهدف إلى التخلص من المخزون بأقل الخسائر.

مستقبل قطاع الأسمنت: الكفاءة والتخطيط الاستراتيجي

الشركات الأكثر كفاءة وتطويرًا ستكون الأقدر على البقاء والتوسع، بينما قد تضطر الشركات الأقل كفاءة إلى إعادة الهيكلة أو الاندماج، مع استمرار المشاريع الحكومية الكبرى، يمتلك القطاع فرصًا واعدة، لكن الاستفادة منها تتطلب إعادة النظر في الاستراتيجيات وتخفيض التكاليف وتحسين إدارة المخزون، المرحلة المقبلة تتطلب إنتاجًا عالي الكفاءة وتحكمًا في التكاليف، والابتعاد عن حرب الأسعار المدمرة.

القطاع يمر بمرحلة تصحيح ضرورية نحو التوازن بين الإنتاج والطلب، والقدرة على تحقيق ربحية مستدامة، والتحول إلى نموذج تشغيلي أكثر مرونة، هذه المرحلة صعبة، ولكنها تحمل فرصًا كبيرة لمن يستعد لها جيدًا.