صناعة السيارات الأمريكية العملاقة تواجه تحديات جمة وتعتمد بشكل كبير على إمدادات البطاريات الصينية لدعم مستقبلها الكهربائي الطموح.

في خطوة تعكس مستقبل السيارات الكهربائية منخفضة التكلفة في الولايات المتحدة، اتخذت كل من “فورد” و”جنرال موتورز” قرارًا استراتيجيًا في أغسطس الماضي، بالتوجه نحو شركة “كاتل” (CATL) الصينية، وهي أكبر مُصنّع لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، لتأمين بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم (LFP) الأقل تكلفة، والمناسبة للسيارات الكهربائية الاقتصادية.

“فورد” تعتزم تصنيع البطاريات محليًا بترخيص من “كاتل”، بينما ستستورد “جنرال موتورز” البطاريات لطراز “شيفي بولت” حتى عام 2027، وذلك “للحفاظ على القدرة التنافسية”، هذا التحول يبدو منطقيًا من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية، وتأثير إلغاء الحوافز الضريبية.

تستحوذ “كاتل” على حصة كبيرة تصل إلى 40% من سوق البطاريات العالمي، وتتعامل مع كبرى الشركات مثل “تسلا” و”مرسيدس” و”بي إم دبليو” و”تويوتا”، على الرغم من أن الولايات المتحدة هي صاحبة تطوير بطاريات LFP، إلا أن إنتاجها الفعلي يتركز في الصين.

لكن على الصعيد السياسي، تتعارض هذه الشراكات مع التوجهات السائدة في واشنطن، حيث يرى بعض المشرعين أن التعاون مع الشركات الصينية يهدد الأمن الصناعي، ومع ذلك، يرى قادة الصناعة أن هذا التعاون ضروري لمواجهة “تهديد وجودي” من الشركات الصينية، وتأمين أفضل تقنيات البطاريات، بغض النظر عن مصدرها، للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق السيارات الكهربائية.

السباق العالمي للسيارات الكهربائية: الصين تتقدم وأمريكا تسعى للحاق بالركب

على الرغم من بعض التباطؤ المحلي، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية نموًا عالميًا بنسبة 26% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ومع تحسين مدى القيادة والأسعار والتقنيات، أصبح التحول إلى السيارات الكهربائية أمرًا حتميًا، لكن الولايات المتحدة تبدو متأخرة في هذا السباق.

صعود الشركات الصينية في سوق السيارات الكهربائية العالمي

في عام 2024، صدرت الولايات المتحدة 1.46 مليون سيارة فقط، بينما صدرت الصين 1.65 مليون سيارة كهربائية، بقيادة شركة “بي واي دي”، التي أصبحت أكبر مُصنّع للسيارات الكهربائية في العالم.

التحديات التي تواجه صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية

يثير القلق أن ستة من أكبر عشر علامات تجارية مبيعًا في العالم هي صينية، بينما بدأت شركات مثل “شاومي” إنتاج السيارات مؤخرًا، لكنها سرعان ما أثارت إعجاب المديرين التنفيذيين الأمريكيين، بمن فيهم رئيس “فورد”.

كيف يرى قادة الصناعة التنافسية الصينية في سوق السيارات الكهربائية؟

تحذر قيادات صناعة السيارات الكهربائية من أن الشركات التي لن تتكيف مع المنافسة الصينية “لن تبقى”، ويؤكدون أن السيارات الصينية “أفضل فعلًا”، وأنها تمثل “تهديدًا وجوديًا” للصناعة الأمريكية.

الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية: نقطة ضعف الصناعة الأمريكية

على الرغم من قوة الصناعة الأمريكية في تجميع السيارات، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على شركات يابانية وكورية لتزويدها بالبطاريات، في حين أن صناعة البطاريات المحلية لا تزال محدودة، وتشهد إلغاء العديد من المشاريع.

الفرص الضائعة: الاستثمار الصيني في أوروبا كنموذج بديل

في المقابل، سمحت الدول الأوروبية باستثمارات الشركات الصينية، مما أدى إلى تطوير طرازات أكثر تقدمًا، مثل BMW iX3 ببطاريات من “كاتل” توفر مدى 500 ميل وشحن 200 ميل في عشر دقائق، وقد استثمرت “كاتل” حوالي 13 مليار دولار في مصانع أوروبية، وهو نموذج كان يمكن أن تستفيد منه الولايات المتحدة.

التوصيات: تفعيل التعاون لتأمين مستقبل صناعة السيارات الكهربائية

ينبغي على صناع السياسات في واشنطن ضمان ألا تكون القيود المفروضة على “الكيانات الأجنبية المثيرة للقلق” صارمة لدرجة تمنع الشركات الأمريكية من ترخيص التكنولوجيا الصينية، وبالتالي حرمانها من الحوافز التي تدعم التصنيع، وإلا ستجد أمريكا نفسها في سوق محمي لكنه متراجع تنافسيًا، مع فرص إنتاج ووظائف أقل.