تضخم مستمر يدفع وول ستريت لإعادة تقييم توقعات الفائدة وسط ترقب حذر لبيانات اقتصادية جديدة تحدد المسار القادم.

كلير جونز – كيت دوغويد

بدأت «وول ستريت» في تقليص رهاناتها على خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، بعد أن أعرب صقور مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن مخاوفهم من أن التضخم لا يزال مرتفعاً بدرجة يصعب معها تبرير المزيد من الخفض لتكاليف الاقتراض.

وتراجعت احتمالات خفض آخر بمقدار ربع نقطة مئوية، والذي كانت تتوقعه الأسواق، من حوالي 70 إلى 40 % خلال الأسبوع الماضي، بعد أن أوضح العديد من أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، عدم دعمهم لاتخاذ إجراء بالخفض في الاجتماع المقبل المقرر عقده في 10 ديسمبر.

وقد أدى هذا التحول – الذي قلص فيه المستثمرون أيضاً توقعاتهم لمزيد من التخفيضات في عام 2026 – إلى موجة بيع مكثفة في الأسهم وارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل عامين خلال الأيام الماضية، وسط قلق متزايد من جانب المستثمرين بشأن تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي.

تأتي هذه التطورات في ظل ترقب الأسواق لقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، والتي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، حيث أن قرارات الفيدرالي تحدد تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما يؤثر على الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، كما أن التضخم يظل المحرك الرئيسي لسياسة الفيدرالي، حيث يسعى البنك المركزي للوصول إلى هدف التضخم البالغ 2%، مع الحفاظ على استقرار سوق العمل.

تضارب الآراء داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي حول خفض الفائدة

قال كريشنا جوها، نائب رئيس شركة «إيفركور آي إس آي»، حول التصويت المتوقع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع ديسمبر: «من المستحيل الآن معرفة إلى أين سيتجه هذا الأمر»، وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية في كلٍ من اجتماعيه السياسيين السابقين، على خلفية مؤشرات على ضعف سوق العمل الأمريكي، ولأن تأثير تعريفات الرئيس دونالد ترامب على التضخم كان أقل مما كان يخشاه الكثيرون.

لكن تصويت أكتوبر شهد انقساماً نادراً بين ثلاثة اتجاهات، حيث أيد ستيفن ميران، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي وحليف دونالد ترامب، دعوات الرئيس الأمريكي لخفض أسعار الفائدة من خلال دعم خفضها بمقدار 50 نقطة أساس، بينما أراد جيف شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، تثبيت أسعار الفائدة.

تصريحات أعضاء الفيدرالي تزيد الغموض حول قرار ديسمبر

وقد نبه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، بعد التصويت إلى أن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر ليس «أمراً مفروغاً منه»، بينما صرح العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين، والذين لا يملكون حق التصويت، لاحقاً بأنهم غير موافقين على قرار الشهر الماضي، وقال جوناثان ميلار، الخبير الاقتصادي في باركليز: «تبدو نتيجة اجتماع ديسمبر مثيرة للجدل تماماً مثلما صورها باول في المؤتمر الصحفي لشهر أكتوبر».

مواقف متباينة لمسؤولي الفيدرالي الإقليميين

أشار جيف شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، الجمعة، إلى أنه سيواصل دعم إبقاء سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي الأمريكي في نطاق 3.75 – 4 %، قائلاً: إن ظروف السوق والاقتصاد لا تشير إلى أن أسعار الفائدة مرتفعة للغاية، وصرحت سوزان كولينز، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، والتي تعتبر أقرب إلى الوسط باللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، في وقت سابق من الأسبوع الماضي بأنه «قد يكون من المناسب إبقاء أسعار الفائدة عند مستواها الحالي لبعض الوقت».

من جانبه، تراجع نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، والذي – على عكس كولينز وشميد – لا يملك حالياً حق التصويت على سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، عن دعم خفض آخر، قائلاً: إنه من المرجح أيضاً أن يقف بجانب تثبيت الفائدة في ديسمبر.

البيانات الاقتصادية المقبلة قد ترسم صورة أوضح

أشارت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في «كي بي إم جي»، إلى وجود «آمال متفائلة» بين المستثمرين بأن صدور بيانات اقتصادية سلبية سيجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة، وسينشر مكتب إحصاءات العمل تقرير الوظائف لشهر سبتمبر يوم الخميس، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أرقام التضخم وسوق العمل لشهر أكتوبر ستنشر أصلاً، وقالت سوونك: «ما لاحظناه بالفعل هو وجود تردد كبير تجاه خفض أسعار الفائدة بشكل حاد، نظراً لوجود الكثير من العوامل المجهولة. كما أن هناك بعض التضخم الناشئ عن قطاع الخدمات، والذي لم يتم التخلص منه بعد».

التضخم لا يزال يتجاوز هدف الفيدرالي

في حين أن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر كان أضعف من المتوقع، مع تسجيله نسبة 3 % على أساس سنوي، إلا أن نمو الأسعار لا يزال يتجاوز المستوى المستهدف للتضخم والذي حدده الاحتياطي الفيدرالي عند 2 %، وقد تكشف محاضر تصويت أكتوبر، المقرر صدورها بعد غدٍ الأربعاء، المزيد عن الانقسامات داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وسواء اختار البنك المركزي الأمريكي إنهاء العام بخفض أسعار الفائدة أم لا، يقول محللون إن رئيس الاحتياطي الفيدرالي سيواجه مهمة صعبة لتحقيق التوازن بتقليل عدد المعارضين.

احتمالات المعارضة داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي

ومن المرجح أن يصوت أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي من التيار الحمائمي – كريس والر، وميشيل بومان، وستيفن ميران، وجميعهم عينهم ترامب – ضد قرار تثبيت الفائدة، ما يثير احتمال بروز معارضة من جانب ثلاثة محافظين للمرة الأولى منذ عام 1988.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *