خاص – يواجه الاقتصاد السوداني حالة من الشلل النقدي غير المسبوق، مع تدهور الجنيه السوداني إلى أدنى مستوياته التاريخية في السوق الموازي، وسط تفاقم ظاهرة الدولرة ونقص السيولة، فضلاً عن تصاعد الضغوط الاجتماعية الحادة، حيث ارتفعت نسبة الفقر من 21% قبل اندلاع الحرب إلى 71% حالياً وفقاً لتصريحات حكومية.
تشير بيانات السوق الموازي في الخرطوم وبورتسودان إلى وصول أسعار العملات الأجنبية يوم الأحد 16 نوفمبر 2025 إلى مستويات قياسية، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 3800 جنيه للبيع و3700 جنيه للشراء، وتجاوز الجنيه الإسترليني 5000 جنيه، واليورو 4418 جنيهاً، ما يعكس انهياراً يفوق 560% مقارنة بفترة أبريل 2023 حين كان الدولار يعادل 560 جنيهاً فقط. تسببت هذه الاضطرابات في توقف التداولات الطبيعية للسوق، وتحولها إلى مضاربات محمومة، مع توجه المستثمرين نحو شراء النقد الأجنبي توقعاً لمزيد من الانهيار.
تأثير القرارات الحكومية على الشلل النقدي والاقتصاد السوداني
ساهمت سلسلة من القرارات الحكومية المتضاربة في تفاقم الأزمة، بدءاً من قرار بنك السودان المركزي بتحرير استيراد الوقود ورفع الاحتكار عن المشتقات البترولية، مما فتح المجال للمصارف التجارية وسط فقدان الثقة. تبع ذلك تصريحات وزير المالية جبريل إبراهيم التي تنبأ فيها بوصول الدولار إلى 10,000 جنيه، رافضاً الحديث عن انهيار الاقتصاد، ما أثار ذعر السوق الموازي وأشعل موجة مضاربات جديدة. كما أدى إصدار البنك المركزي لفئة جديدة بقيمة 2000 جنيه دون غطاء نقدي أو احتياطي ذهب إلى زيادة فقدان الثقة ودفع عملية الدولرة قدماً.
تداعيات الطباعة النقدية غير المدعومة وتفاقم التضخم
يرى خبراء الاقتصاد أن طباعة العملة دون غطاء نقدي فعّال تعمق الأزمة المالية، مسبباً تضخماً مفرطاً وارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الأساسية، ما يدفع القدرات الشرائية للأسر إلى الانهيار. وقد أشار البنك الإفريقي للتنمية إلى تجاوز التضخم في السودان مستوياته الحرجة، مما يضع الاقتصاد في مواجهة تحديات مزدوجة بين استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأزمة مالية تتطلب حلولاً حقيقية ومتكاملة.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية للانهيار النقدي المستمر
على الصعيد الاجتماعي، تؤكد الحكومة السودانية أن نسبة الفقر ارتفعت بشكل مُخيف من 21% إلى 71% منذ بداية الحرب، بينما تشير تقارير دولية إلى دخول السودان في مرحلة “ما بعد العملة” حيث لا يوجد نظام نقدي فعال، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي بنسبة 42% بحلول نهاية 2025 في حال استمرار الصراع. كما يُنبئ الاقتراب من شهر رمضان بزيادة الطلب على السلع المستوردة، مع توقعات بتجاوز سعر الدولار حاجز 5000 جنيه بحلول يناير 2026، وقد يصل إلى 10,000 جنيه في حال عدم توقف النزاع أو تأمين دعم خارجي عاجل.
تعليقات