«الشرق الأوسط» من داخل الخرطوم ومن قلب الدمار… سودانيون يُعيدون للحياة نبضها وحيويتها
رغم الخسائر الهائلة، الخراب الواسع، وتكاثر الهجمات بالمسيرات الانتحارية، إضافة إلى تفشي الأوبئة ونقص الخدمات الحيوية كالطاقة والمياه والدواء، يعود الآلاف من النازحين إلى العاصمة السودانية الخرطوم، يسعون لإزالة الأنقاض، وإعادة تأهيل منازلهم، مؤكدين تمسكهم بالأرض وبناء مستقبل أفضل وسط تحديات الحياة اليومية.
الصمود والتحدي في الخرطوم بعد النزوح والدمار
في منطقة الكدرو شمال الخرطوم بحري، يعكس المواطن الطيب موسى عزيمة قوية داخل محله التجاري الذي أعاد تأهيله بعد نزوح طويل إثر الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، حيث يؤكد أن العودة للمنزل حتى وإن كان متضرراً أفضل من حياة التشرد بالإيجار في المدن المختلفة، وهو مسار مر بالإصرار والصبر بدأ في مدن سنار والدمازين والقضارف وكسلا وعطبرة، واجه خلاله موسى تحديات تأمين لقمة العيش وسط ظروف عصيبة.
التغلب على الدمار والتحديات الصحية
المواطنة إيهاب أحمد تُجسد أيضًا قصة الصبر، حيث تركت منزلها في أم بدة بسبب الحرب، وعادت لتعيد بناء مشروعها الصغير للطباعة رغم الخسائر التي لحقت به بفعل السرقة والدمار، مؤكدة أهمية استعادة الحياة والمقاومة رغم الأوضاع الصعبة التي أفرزتها الحرب.
التحديات الاقتصادية والخدمية أمام العائدين
عبد الباقي إسماعيل، رجل أعمال في مجال الملابس الجاهزة، عاد إلى الخرطوم بعد فترة نزوح إلى كوستي، مشيرًا إلى استمرار نقص الخدمات الضرورية، انهيار البنية الصحية، تفشي الأمراض، ارتفاع تكاليف المعيشة، رغم استئنافه نشاطه التجاري بعد توقف قسري.
عوامل تعزيز عودة النازحين وتأهيل العاصمة
وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، من المتوقع عودة نحو 2.7 مليون شخص إلى الخرطوم خلال عام 2025، مع استمرار جهود حكومة ولاية الخرطوم، بقيادة وزير الشؤون الاجتماعية صديق فريني، في توفير البنية التحتية الأساسية، من المياه والكهرباء إلى الأمن، عبر إنشاء 87 مركز إيواء، ودعم العائدين من مختلف الولايات.
جهود إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الصحية
المتحدث الرسمي للطوارئ في الخرطوم، الطيب سعد الدين، أكد بدء عمليات النظافة، إزالة الأنقاض، إعادة تشغيل محطات الكهرباء والمياه، واستخدام الطاقة الشمسية كمصدر بديل، فضلاً عن إعادة تأهيل المستشفيات الرئيسية المتضررة، واستقرار الوضع الصحي بعد مكافحات فعالة للأمراض مثل حمى الضنك والكوليرا، مما يشكل نقطة انطلاق نحو تعافي شامل.
التحديات الأمنية ومخاطر المسيرات على استقرار الخرطوم
رغم التهديد المستمر من المسيرات الاستراتيجية وهجمات قوات الدعم السريع المدعومة خارجياً، تبقى العاصمة محور إعادة البناء والتعايش، مع تعزيز الأمن عبر انتشار الشرطة، تأهيل الأقسام، ومكافحة التشكيلات المسلحة، بهدف خلق بيئة آمنة تمكّن السكان من ممارسة حياتهم، نتاج إرادة حقيقية تعكس رغبة الشعب السوداني في استعادة وطنهم ومجتمعاتهم.

تعليقات