خاص – يشهد السوق الموازي في السودان اليوم حالة “شلل نقدي” واضحة، نجمت عن ارتفاع قياسي في أسعار صرف العملات الأجنبية، وتزايد ملحوظ في الدولرة، مع تفاقم أزمة شح السيولة، وسط حالة من الارتباك بسبب قرارات رسمية متضاربة وتصريحات مخالفة أعادت تفعيل المضاربات ودفع الجنيه السوداني إلى مستويات قياسية متدنية.
اليوم السبت 15/11/2025، سجلت أسعار العملات في السوق الموازي أرقاماً غير مسبوقة، حيث بلغ سعر بيع الدولار 3800 جنيه مقابل 3700 جنيه للشراء، مقارنة بسعر 560 جنيهاً عند اندلاع الحرب في أبريل 2023، ما يعكس زيادة تجاوزت 571% في سعر البيع، وهو مؤشر واضح على تحول السوق نحو حالة من الشلل الوظيفي، حيث تهيمن الدولرة ويتراجع الإقبال على العملة المحلية بسبب فقدان الثقة بها.
تأثير السياسات الاقتصادية المختلطة على السوق السوداني
تفاقم الأوضاع جاء نتيجة تداخل عدة عوامل مؤثرة، منها تحرير استيراد الوقود عبر منشور إدارة السياسات رقم (2025/15) الذي أتاح للمصارف تنفيذ الاستيراد بشروط تنظيمية، إلى جانب تصريحات وزير المالية جبريل إبراهيم التي توقعت وصول الدولار إلى 10000 جنيه، رغم إنكار حدوث “انهيار” اقتصادي، ويوجد توقف في الصادرات وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي؛ بالإضافة إلى قرار بنك السودان المركزي إصدار فئة نقدية جديدة بقيمة 2000 جنيه دون تغطية نقدية كافية، ما أطلق سباق المتعاملين على شراء العملات الأجنبية قبل طرح الفئة الجديدة. هذه التطورات عززت شح السيولة المحلية، وسرّعت عملية الدولرة، ونشّطت المضاربات السعرية، ما أدى إلى ارتفاع جماعي وغير مسبوق في أسعار الصرف.
الاقتصاد السوداني وتأثير النزاع المستمر على السيولة والقيمة
يرتج اقتصاد السودان تحت وطأة نزاع مستمر تسبب في انكماش حاد للنشاط الاقتصادي وتآكل الإيرادات، مع تقلص قدرة السياسة النقدية على التحكم في الأسواق، حيث أدى تحرير جزئي لمدخلات الطاقة إلى زيادة الضغط على الطلب على العملات الأجنبية لتغطية الاستيراد. تتناول تقارير البنك الدولي ومجموعة التنمية الإفريقية انعكاسات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي الحقيقي، وارتفاع معدلات التضخم التي تجاوزت 245%، ناتجة عن تمويل العجز ونقص السلع الأساسية، ما يؤكد أن السياسات النقدية منفردة غير كافية لمعالجة الاختلالات البنيوية ومنع تدهور سعر الصرف.
تعليقات