كشف باحثون من جامعة كولورادو بولدر الأمريكية عن اكتشاف آلية جديدة لأدوية تجريبية تستهدف إنزيم CDK7، الذي يُعتبر من المنظمين الرئيسيين لدورة الخلية. الدراسة، التي نُشرت في مجلة Science Advances، تقدم رؤى غير مسبوقة حول كيفية قدرة هذه الأدوية على وقف مسارات تكاثر الخلايا السرطانية في غضون دقائق فقط.

يعمل إنزيم CDK7 كـ "حارس بوابة" للتكاثر الخلوي من خلال آلية مزدوجة. أولاً، ينشط إنزيمات أخرى مثل CDK1 وCDK2 وCDK4 وCDK6 التي تحفز انقسام الخلايا. ثانياً، ينظم التعبير الجيني عن طريق التحكم في عوامل النسخ. ما أدهش الباحثين هو السرعة الاستثنائية التي تعمل بها الأدوية المثبطة لهذا الإنزيم، حيث تمكنت من تعطيل عوامل النسخ الأساسية المسؤولة عن تكاثر الخلايا خلال 30 دقيقة فقط.

وتم ملاحظة هذا التأثير السريع عبر 79 سلسلة خلوية تمثل 27 نوعًا مختلفًا من الأنسجة، مما يشير إلى آلية عالمية لتنظيم التكاثر الخلوي. في قلب هذا الاكتشاف، تبرز دور غير متوقع لبروتين RB1 المعروف بقمعه للأورام، حيث يعمل على إخماد "نيران" عوامل النسخ المسببة للتكاثر السرطاني عند تثبيط CDK7.

رغم النتائج الواعدة، تواجه الأدوية المثبطة لـCDK7 تحديات كبيرة، حيث تسبب آثارًا جانبية شديدة ولا تقضي بشكل كامل على الأورام في التجارب السريرية. ومع ذلك، يرى الفريق البحثي أملًا في تطوير جيل جديد من العلاجات الأكثر دقة، والتي تستطيع تعطيل الوظائف المرضية للإنزيم دون التأثير على الخلايا السليمة.

وأوضح البروفيسور ديلان تاتجز، قائد الفريق البحثي، أن المستقبل يكمن في الانتقال من النهج القديم القائم على "التعطيل الشامل" لجميع وظائف الإنزيم، إلى نهج أكثر دقة يستهدف فقط المسارات المرضية المرتبطة بالتكاثر السرطاني. يشبه هذا التوجه الانتقال من استخدام "المطرقة الثقيلة" إلى "المشرط الجراحي الدقيق"، مما يسمح بضرب الخلايا السرطانية بقوة أكبر مع الحفاظ على الخلايا السليمة.

وقد يشكل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في فهم البيولوجيا الأساسية للتكاثر الخلوي، ويمهد الطريق لعلاجات أكثر فعالية وأقل سمية، خاصة للأورام العدوانية مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي. لكن، يحذر الباحثون من أن الطريق لا يزال طويلاً أمام ترجمة هذه الاكتشافات إلى علاجات عملية للمرضى، حيث يتطلب الأمر المزيد من الدراسات والتجارب السريرية الدقيقة.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك