تفسير خبراء الاقتصاد لارتفاع سعر الذهب عالميا وتأثيراته المحتملة على الأسواق المالية

أكد محللون اقتصاديون وتجار الذهب خلال حديثهم مع “مصراوي” أن الارتفاع الجديد في أسعار الذهب يعود إلى عدة عوامل رئيسية، منها استمرار البنك المركزي الصيني في شراء الذهب للشهر الثاني عشر على التوالي، وتصاعد المخاوف الجيوسياسية، بالإضافة إلى تزايد احتمالات خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، مما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.

شهدت أسعار الذهب عالميًا موجة صعود قوية خلال اليومين الماضيين، حيث ارتفع سعر الأوقية في السوق الفوري يوم الاثنين بنسبة 2.41% ليصل إلى حوالي 4098 دولارًا، بزيادة 96.6 دولارًا، ثم واصل ارتفاعه يوم الثلاثاء مسجلاً 4139 دولارًا للأوقية، بزيادة قدرها 41 دولارًا، وفقًا لبيانات وكالة بلومبرج.

أثر مشتريات الصين على أسعار الذهب العالمية

أوضح أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن استمرار البنوك المركزية، وبالأخص البنك المركزي الصيني، في شراء الذهب بشكل متواصل هو عامل رئيس في دعم الأسعار، مشيرًا إلى أن بنك الشعب الصيني أضاف الذهب إلى احتياطياته في أكتوبر للمرة الثانية عشرة على التوالي، ما يعكس ثقتهم في الذهب كملاذ آمن.

كشف تقرير رسمي أن احتياطيات الصين من الذهب بلغت 74.09 مليون أونصة بنهاية أكتوبر، مرتفعة بنسبة 1.8% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مما يوفر استقرارًا وثقة للمستثمرين العالميين في قدرة الذهب على الحماية من التقلبات الاقتصادية.

وأشار معطي إلى أن التوترات الجيوسياسية وفرض الرسوم الجمركية المستمرة تزيد من حالة القلق في الأسواق، مما يرفع الطلب على المعدن الأصفر، ويؤدي إلى بدء موجة ارتفاع جديدة بعد فترة التراجع السابقة.

تأثير خفض الفائدة الأمريكي على سوق الذهب

من جانبه، قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي للاستثمار، إن توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة تساهم بشكل كبير في صعود أسعار الذهب، إذ إن ذلك يقلل من عائدات الدولار ويجعل الذهب خيارًا جذابًا للاستثمار.

وقد أوضح نجلة أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إلغاء بعض المدفوعات الحكومية المرتبطة ببرنامج “أوباما كير” ستزيد الأعباء المالية على الأمريكيين، مما قد يؤدي إلى تراجع الاستهلاك وزيادة المخاطر الاقتصادية، وهو ما يعزز الطلب على الذهب كأداة للتحوط من الركود.

ارتفاع متصاعد رغم توقعات السوق

أكد هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الارتفاع الأخير في أسعار الذهب جاء مخالفًا للتوقعات، خاصة بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح إنهاء الإغلاق الحكومي، والذي كان من المتوقع أن يخفف الضغوط على الأسواق.

وأوضح ميلاد أن زيادة الأسعار تنعكس مؤشرات التضخم المرتفع في الاقتصاد الأمريكي، مشيرًا إلى أن عمليات الطباعة النقدية الكبيرة التي شهدتها الولايات المتحدة، تصل إلى نحو 300 مليار دولار دون تغطية إنتاجية كافية، مما دفع المستثمرين للبحث عن الذهب كملاذ آمن.

وأشار ميلاد إلى أن تقلبات الأسعار الحالية غير معتادة، ويرجع ذلك إلى التباين الواضح في سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مع اختلاف تصريحات أعضائه وعدم وضوح الأفق النقدي، مما يفتح المجال أمام ارتفاع الذهب ليصل إلى مستويات قياسية جديدة في الفترة القادمة.