الاتفاق الدفاعي: رمزيته القوية وتكامله الحقيقي

الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان: صمود أم هشاشة؟

في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، وإعادة صياغة موازين القوى في المنطقة، يبرز الاتفاق الدفاعي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية كعلامة بارزة. هذا الاتفاق يحمل في طياته رسالة واضحة، ويمثل سيفًا متدليًا على رقاب المعتدين. ومع ذلك، يظهر تساؤل رئيسي يثير القلق: هل الاتفاق محصن كفاية ليواجه استفزازات الأعداء، أم أن فيه ثغرات تُعرض تماسكه للخطر في مواقف حرجة؟

التفاهم الاستراتيجي

جوابًا على هذا التساؤل، نجد أن الأعداء ليسوا بحاجة إلى شن حرب مباشرة لضرب مصداقية الاتفاق. يمكنهم الاكتفاء باستفزازات ذكية ومحدودة تستهدف “مساحات الصمت” في النصوص القانونية والسياسية للاتفاق. وفي وقتها، يمكن للاتفاق أن يتجلى بشكل متكامل، ليظهر رده العملي المدروس على هذه التساؤلات، ويبرز التوريث التاريخي والاتفاق البارز بين الطرفين.

لقد كانت العلاقة بين الرياض وإسلام آباد قائمة منذ أكثر من ستة عقود، إذ نسجت البلدان شبكة معقدة من المصالح الأمنية والعسكرية والاقتصادية، التي رعتها الجغرافيا وتقارب العقائد والتحديات المشتركة. لكن الجديد يكمن في إدخال هذه العلاقة إلى طور رسمي من خلال اتفاق دفاع مشترك ينص على أن “أي عدوان على أحد الطرفين يُعتبر عدوانًا على الآخر”.

السؤال الحرج هنا هو: من هو “العدو”؟ وما هي الالتزامات المرتبطة بذلك؟ أكبر إشكالية استرايجية تكمن في تعريف مفهوم “العدوان” الذي يُلزم باكستان بالتحرك. هل ينطبق فقط على العدوان المباشر على الأراضي السعودية، أم يشمل أيضا الاشتباكات غير النظامية مثل الهجمات بالوكالة أو الاستهداف السيبراني؟

والأكثر تعقيدًا، هل ستدخل باكستان لتدعم السعودية إذا ما دافعت عن دولة خليجية تتعرض لهجوم؟ هذه التساؤلات تمثل مساحات غامضة يمكن أن يستغلها العدو بحنكة سياسية.

لتحصين الاتفاق، ينصح باتخاذ خطوات حاسمة مثل توقيع بروتوكولات تنفيذ سرية تنظم الالتزام، وإنشاء آلية استخباراتية مشتركة لرصد العدوان المحتمل، وتشكيل وحدة عسكرية وسياسية للاستجابة الفورية في حال حدوث أي أزمة استراتيجية، فضلاً عن توسيع نطاق الاتفاق ليشمل حالات العدوان غير المباشر على الحلفاء الاستراتيجيين.

في الختام، يعد الاتفاق قويًا في سياق الردع السياسي، ولكنه قد يواجه صعوبات إذا لم يُعزز بأسس تنفيذ تكاملية. يتطلب الوضع اليوم من الرياض وإسلام آباد ليس فقط التفاهم بل بناء الثقة المستمر، وتعزيز الاتفاق من خلال ملحقات إضافية تضيق المساحات المتاحة للاعتداءات.