دعم سعودي للحكومة: إنقاذٌ مؤقت يعكس الحاجة إلى إصلاحات جذرية

دعم سعودي للحكومة اليمنية.. إنقاذ مؤقت في انتظار إصلاحات جذرية

أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديم دعم مالي قدره 1.3 مليار ريال سعودي، ما يعادل نحو 368 مليون دولار، للحكومة اليمنية. وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن هذا الدعم يأتي استجابة لمناشدة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وسيتم توجيهه عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن. يشمل الدعم المقدم دعم موازنة الحكومة وتحسين المشتقات النفطية، إلى جانب تعزيز الميزانية التشغيلية لمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن، مما يساهم في تعزيز جهود الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.

تأتي هذه المساعدات في وقت تتعرض فيه الحكومة في عدن لأزمة مالية خانقة، رغم إعلانها عن خطة إصلاحات اقتصادية قبل أكثر من شهر، والتي أدت حتى الآن إلى تحسن العملة المحلية بنحو 40% أمام العملات الأجنبية. ومع ذلك، لا تزال الحكومة تواجه عجزًا مستمرًا منذ توقف تصدير النفط أواخر عام 2022، ما أدى إلى عدم قدرتها على دفع رواتب الموظفين والجنود للمرة الثالثة على التوالي. كما تفاقمت الأمور بسبب العجز في الخدمات الأساسية، وخاصة الكهرباء، حيث تراجع توفيرها هذا العام بسبب عدم شراء الحكومة لكميات كافية من الوقود.

جاء هذا العجز المالي نتيجة فشل الحكومة في تعويض الإيرادات المفقودة بسبب توقف تصدير النفط، الذي كان يمثل 70% من إجمالي الإيرادات. وتقارير البنك المركزي اليمني تكشف عن حجم العجز المالي الكبير، حيث وصل خلال النصف الأول من العام الحالي إلى نحو 46%. إذ بلغ إجمالي الإيرادات العامة نحو 508.2 مليار ريال، بينما كانت النفقات العامة 939.7 مليار ريال، مما يعني عجزًا بحوالي 431.5 مليار ريال.

إصلاحات اقتصادية ضرورة ملحة

تشير التقارير إلى اعتماد الحكومة بشكل كبير على الدعم السعودي، حيث تشكل المنح السعودية 61% من إجمالي الإيرادات، بينما كانت الإيرادات غير النفطية تمثل 39% فقط. وهذا يعكس ضعف القدرة على تنمية الموارد المحلية. على الرغم من الانخفاض الملحوظ في الإيرادات غير النفطية، حيث تراجع تحصيل الضرائب والجمارك بمقدار 35 مليار ريال مقارنة بالعام السابق، ظلت الحكومة تعتمد على الدعم الخارجي دون سعي حقيقي لتحسين كفاءتها المالية.

تتطلب الأزمة الحالية والحالة المالية الهشة إصلاحات جذرية، حيث تؤكد الأرقام عمق الضعف الذي تعاني منه السياسات المالية للحكومة. عدم القدرة على توفير الإيرادات المحلية وترشيد النفقات تعكس الحاجة المُلحّة إلى تحسين الإدارة المالية العامة. إذا استمرت الحكومة في الاعتماد على الدعم الخارجي دون معالجة المشاكل الأساسية، فلن تؤدي المساعدات المالية إلى حلول مستدامة.