قمة محلية تحت سقف متدني: تحديات وآمال قبل انطلاقها

كتب عريب الرنتاوي * لم يكن الرأي العام العربي في حالة من الصدمة إزاء النتائج المخيبة التي أسفرت عنها القمة الطارئة لقادة الدول العربية والإسلامية في العاصمة القطرية، والتي شهدت وجود قادة 35 دولة إسلامية. هذه اللحظات الاحتفالية لم تفعل شيئاً سوى زيادة شعور السأم والملل لدى المواطنين والمواطنات. أعتقد أن معظم أبناء الأمة العربية والإسلامية لم يشعروا بالحاجة للجلوس أمام الشاشات لمتابعة الخطابات الطويلة التي لم تقدم لهم شيئاً ملموساً. كان سقف القمة واضحاً منذ البداية بعد صدور البيان عن مجلس الأمن، حيث وصلت البلاغة في الكلمات إلى مستويات غير مسبوقة، بينما كانت الإجراءات والقرارات في أدنى مستوياتها. مخاوفنا السابقة حول إمكانية استبدال القادة للمصطلحات النارية بالقرارات الفعلية لم تكن في محلها، فقد تجلى ذلك في غياب الإجراءات الحاسمة ضد العدوان الذي استهدف “حماس”، وهي المعنية الرئيسية بالتصعيد، في حين غابت غزة كلياً عن القرارات، وكأن ما يحدث هناك ليس من أولويات القمة.

لقد تمحورت القمة حول إظهار الدعم لقطر كدولة رائدة في مجلس التعاون الخليجي، وتجاهل القادة للحال الإنساني الذي تعيشه غزة بفعل العدوان المتواصل. كان بمقدورهم استذكار قمة سابقة عُقدت هناك، والتي لم تكن لها فائدة ملموسة. توضح الأحداث أن الشعارات تظل حبيسة الكلمات، ولا تتحول إلى أفعال فعّالة لدعم القضايا الإنسانية في المنطقة.

فشلت القمة في استحضار مسئولياتهم كقادة، وكأنهم يطبقون المثل القائل: “أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة”. إنهم يتقنون فن “فعل اللا-شيء”، حيث إن دعمهم لقطر لا يتجاوز حدود التصريحات العاطفية. إذا كان هناك أي شك حول قدرة القادة على اتخاذ خطوات فعالة ضد “إسرائيل”، لكان من الأفضل لهم عدم الحضور من الأصل. فبدلاً من التركيز على اتخاذ قرارات استراتيجية تدعم العدالة في المنطقة، أكد القادة دعمهم لقطر في سعيها لعلاقات أفضل مع واشنطن، متجاهلين المآسي التي تجري على الأراضي الفلسطينية.

لقد أظهر القليل من القادة إدراكهم للمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، حيث استمر تجاهلهم للأدوار البارزة التي يمكن أن تلعبها الدول العربية في دعم النضال الفلسطيني. في الواقع، لم يكن الحضور إلا لتأكيد عدم رغبتهم في التصعيد مع الولايات المتحدة وتجنب أي تصعيد مع “إسرائيل”، مما يعكس حقيقة أنه لا ملجأ لهم سوى التكيف مع الواقع السائد. هذه الوضعية تثير العديد من الأسئلة حول مستقبل القضية الفلسطينية وكيفية تفاعل القادة العرب مع الأحداث التي تؤثر على شعوبهم.

نتائج مخيبة في قمة القادة العرب

يبدو أن الأحداث التي جرت في القمة لم تكن سوى تأكيد على غياب الفعل العربي المشترك، حيث تضاءلت الآمال في تحقيق تقدم حقيقي في القضايا المهمة، مما يعكس انعدام الإرادة السياسية الفعلية لدى القادة.

مآلات العمل العربي المشترك

بينما تعاني القضية الفلسطينية من غياب الدعم العربي الفعال، يبدو أن القمم الفارغة لم تعد حلاً لأزمات الأمة. إن غياب الإرادة السياسية لتغيير المعايير الراهنة قد يصبغ مستقبل الصراعات بلون قاتم، لهذا تظل التحديات قائمة أمام الدول العربية للعمل على تحقيق أهداف شعوبها.