توجهات جديدة في الاحتياطيات النقدية العالمية تترافق مع التحولات الجذرية في نظام المعاملات المالية الدولية
تجاوزت حيازة البنوك المركزية العالمية من الذهب حيازة سندات الخزانة الأمريكية لأول مرة منذ حوالي ثلاثة عقود، وارتفعت أسعار المعدن النفيس إلى 4000 دولار للأونصة في 10 أكتوبر، قبل أن تفقد أكثر من 6% من قيمتها الأسبوع الماضي نتيجة تراجع التوترات التجارية.
وصلت أسعار السبائك إلى مستويات قياسية بلغت 4300 دولار للأونصة، وواجهت السوق أكبر انخفاض يومي لها منذ أكثر من عشر سنوات في 21 أكتوبر، ورغم ذلك، يُعتبر الذهب واحدًا من أفضل الأصول أداءً في عام 2025، حيث سجل زيادة بنسبة 50% منذ بداية العام.
البنوك المركزية تلجأ إلى الذهب في مواجهة عدم اليقين الاقتصادي
وفقًا لبيانات بلومبرج، شهد أكتوبر زيادة كبيرة في حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، والتي بلغت أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات، واستمرت البنوك المركزية في الشراء صافيًا لمدة 15 سنة متتالية، حيث تزايدت وتيرة الشراء بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 2022.
تعرضت احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية لعقوبات غربية، مما دفع البنوك المركزية الأخرى إلى تنويع استثماراتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي وزيادة احتياطياتها من الذهب، وأفاد مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية اشترت أكثر من 1000 طن من الذهب للعام الثالث على التوالي في 2024، وهو ما يعادل حوالي خمس إجمالي الذهب المستخرج على مر التاريخ.
مستقبل الذهب: توقّعات مورجان ستانلي
رفعت شركة مورجان ستانلي للأبحاث توقعاتها لأسعار الذهب لعام 2026 إلى 4400 دولار للأونصة، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 3313 دولارًا، مما يشير إلى ارتفاع إضافي بنسبة 10% عن مستويات أوائل أكتوبر، وذكرت إيمي جوير، استراتيجية المعادن بالمجموعة، أن توقعات أسعار الذهب تشير إلى استمرار ارتفاعه بفعل انخفاض الدولار الأمريكي، وزيادة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة، واستمرار مشتريات البنوك المركزية.
تأثير الرسوم الجمركية على سوق الذهب
أشارت بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب زادت من تكاليف الاستيراد وهددت ارتفاع أسعار المستهلكين على الصعيد العالمي، وتحفز توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الطلب على الذهب، حيث ارتفعت أسعاره عادة في فترات الشكوك الاقتصادية.
ضعف الدولار ودوافع تحول البنوك المركزية
كان تراجع قيمة الدولار الأمريكي أحد العوامل المهمة وراء صعود الذهب، حيث أن ضعف الدولار يجعل السبائك في متناول المستثمرين الأجانب، وفي منتصف سبتمبر، انخفض الدولار إلى أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات، مما ساهم في زيادة الطلب على الذهب.
تحول استراتيجي نحو الذهب
تتجه العديد من الدول، خصوصًا في آسيا والشرق الأوسط، إلى زيادة حيازاتها من الذهب لتقليل الاعتماد على الدولار، حيث تسعى الصين وكثير من الدول الأخرى لاستثمار احتياطياتها بطريقة تحميها من تقلبات السوق الأمريكية، مما يمهد الطريق نحو نظام نقدي أكثر توازنًا حيث يصبح الذهب ملاذًا آمنًا بعيدًا عن الضغوط النقدية الأمريكية.
