الحزب المحشور يطلب الدعم من الرياض والسعودية تحيله إلى الحكومة

شكّلت الغارات الإسرائيلية العنيفة على الجنوب اللبناني في الأسبوع الماضي إنذاراً صارخاً لكل من لبنان و”حزب الله”. الرسالة من تل أبيب واضحة: الخيار العسكري لا يزال على الطاولة ما لم تسارع الدولة اللبنانية إلى ضبط السلاح. الحزب، الذي استشعر الخطر، تسابق لفتح قناة حوار مباشر مع السعودية، داعياً إلى بداية جديدة، لعله يجد في ذلك مظلة سياسية تحميه من أي تصعيد إسرائيلي.

حدود خيارات حزب الله

أظهر خطاب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم تجاه الرياض ضيق خيارات الحزب. اعتبرت مصادر سياسية سيادية أن موقفه يعد دليلاً على ارتباك واضح ومحاولة لتجنب أسوأ السيناريوهات. وأشارت المصادر إلى أن هذه الخطوة منسقة مع طهران، حيث يراهن الحزب على تغير في الموقف السعودي بعد الاعتداءات على الدوحة. غير أن تلك المصادر أكدت أن تلك الحسابات قد تكون خاطئة، إذ أن المملكة تنظر إلى سلاح الحزب في إطار اتفاق الطائف وخطاب القسم، ولا تتعامل إلا مع الدولة اللبنانية، وليس مع طرف يتصرف وكأنه “الدولة”.

تحركات سعودية ورسائل خليجية

في سياق الأحداث، وصل إلى بيروت مستشار وزير الخارجية السعودي الأمير يزيد بن فرحان، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ونقل له رسالة رسمية. كما عقد لقاءات مع النائب فيصل كرامي، وأجرى اتصالاً بالرئيس نبيه بري بحضور معاونه السياسي، قبل أن يعقد معه اجتماعاً مطولاً في السفارة السعودية. وتشير المعلومات إلى أن جولة بن فرحان تشمل أيضاً رئيس الحكومة السابق تمام سلام والرئيس الحالي نواف سلام خلال مأدبة عشاء، ضمن جولة توضح الموقف السعودي من الأوضاع اللبنانية.

بالتوازي، تصل المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت للمشاركة في اجتماعات لجنة “الميكانيزم” في الناقورة، حيث تركز زيارتها على الملف الأمني وتحث على حصر السلاح وتسريع خطة الدولة، مع وعد بدعم الجيش. وأكدت مصادر سياسية أن لا مؤتمر لإعادة الإعمار قبل معالجة مسألة السلاح.

دعم الجيش والضغط على إسرائيل

أما على الصعيد الدولي، فقد توجه الرئيس جوزيف عون إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. في خطابه المتوقع، سيدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، مؤكداً التزام لبنان بالقرار 1701 وبجهود حصر السلاح، إلى جانب دعوته لدعم الجيش والمشاريع الإصلاحية.

في المقابل، يتمسك الحزب بسلاحه، حيث اعتبر النائب حسين الحاج حسن أن “المقاومة لم تعد خياراً بل ضرورة وطنية”. وأوضح أنه يجب تطوير هذه المقاومة بناء على رؤية استراتيجية شاملة، بينما يستعد الحزب لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في احتفال مركزي.

الصراع حول قانون الانتخاب

فيما يتعلق بالشأن الداخلي، يشتد الجدل حول قانون الانتخابات، خاصة فيما يخص تصويت المغتربين. واعتبر الحاج حسن أن بعض الطروحات تعكس “نوايا للهيمنة والإقصاء”، مؤكداً أن القانون الحالي ساري المفعول وأن أي تعديل يجب أن يضمن العدالة وتكافؤ الفرص.

في ظل الضغوط الإسرائيلية المتجددة والتحركات السعودية والأميركية لفرض واقع جديد على الساحة اللبنانية، يجد “حزب الله” نفسه محاصراً بأكثر من أي وقت مضى. بينما تحاول الدولة اللبنانية استعادة المبادرة عبر الجيش والدبلوماسية الدولية، تترقب البلاد ما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة من تسويات أو أحداث قد تؤدي إلى تصعيد.