نتنياهو يقر بالهزيمة: تطورات عاجلة على الساحة المحلية

كتب م. زياد زكريا

إن خطاب نتنياهو الأخير يثير فيّ مشاعر متباينة، فقد جاء مختلفاً عن غيره، لم يكن محاولة لجذب جماهير جديدة أو لتشجيع الاحتلال، ولم يكرر شروط إنهاء الحرب على غزة، بل بدا كخطة واضحة لإنهاء دولة إسرائيل، يعكس اعترافاً علنياً بالهزيمة الكاملة وتحطم الأحلام على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية وحتى العسكرية. كان الخطاب يعبر عن روح المهزوم، فشروط إعادة الأسرى ووقف القتال وتحجيم حماس قد اختفت، كما تلاشت الأوهام حول شرق أوسط جديد و”مكان تحت الشمس”. لم يعد نتنياهو يملك الجرأة ليطالب بمكان تحت القمر أو حتى تحت الزهرة، واختفت كل مظاهر الكبرياء والسيطرة لتحل محلها مشاعر الارتباك والضياع.

· إن تشبيه إسرائيل بإسبارطة يعني أن نظامها سيعتمد على عسكرة وجوده، ويشير إلى عجزه عن مواصلة الحروب والعدوان، فهو يعكس انهيار الجيش وعدم قدرته على الصمود. بهذا المعنى، تبرز بعض المؤشرات التي تتضمنها رسالته، حيث تدعو تلك الأصداء الشباب للابتعاد عن الموت وطلب الأمان. إن هذه التصريحات تعمق من أزمة الدولة وتعكس مسارها نحو الزوال، كما حصل مع إسبارطة بعد هزيمتها في معركة ليوكترا. تعكس هذه التحولات حالة الفوضى التي يعيشها الكيان الصهيوني، الذي لم يستفد من دروس التاريخ.

· التركيز على إسبارطة بدلاً من أثينا يعكس تخلي الدولة عن المبادئ والقيم التي ادعت أنها تمثلها، الأمر الذي ينذر بوجود فوضى أخلاقية وانعزال عن بقية العالم. هذا التخلي يتجلى في الاستمرار في الأعمال العدائية بينما تظهر بشاعة الأفعال الإسرائيلية للعالم، مما يعكس الوجه الزائف للديمقراطية التي تنادي بها.

· الدعوة للاعتماد على النفس في صناعة السلاح تشير إلى نجاح المقاطعة العالمية وعجز إسرائيل عن التعافي، مما يحول الدولة إلى اقتصاد حربي يضر بعموم المواطنين ويزيد من مطامع الشركات الصناعية. هذه الخطوات تهدد كيان الدولة وتبشر بنهاية حلم الرفاهية الذي سعى إليه الصهاينة على مر السنين.

المقاربة التي قدمها نتنياهو ليست حكراً على كاتب هذا المقال، فقد لوحظت تداعيات خطابه من انخفاض الأسهم في بورصة تل أبيب بنسبة تفوق 4% منذ بداية الشهر، مما يعكس ظلال الهزيمة التي تعاني منها إسرائيل.

يجب أن يدرك المستوطنون الشباب أن الأفضل لهم هو الهروب قبل أن تتفكك دولتهم وتصبح ضحية لأعدائها. فالعالم يتجه نحو المستقبل بدونهم، وعليهم الانسحاب قبل أن تصبح الأرض وكراً للدمار والآلام. من يرغب في تجنب التاريخ المأساوي عليه التعاطي مع هذا الواقع ورفض كل أشكال الصهيونية للعيش مع شعوب المنطقة بمساواة وحقوق متكافئة.

نتنياهو يواجه الهزيمة الحتمية

إن هذا الخطاب يطرح تساؤلات حول مصير دولة إسرائيل، بعد أن اعترف نتنياهو بهزيمته، مما يفتح النقاش حول مستقبل الوجود الإسرائيلي ومستقبل العلاقات في المنطقة.

إسرائيل على حافة الزوال

يبدو أن إسرائيل، بممارساتها الحالية، تتجه نحو النهاية الحتمية، ودعوات نتنياهو غير قادرة على تغيير مصيرها. التاريخ يكرر نفسه، وحان الوقت لتجنب مصير مماثل للممالك القديمة التي سقطت.