الفن الوطني: أداة جديدة لإعادة تشكيل الهوية السعودية
الفن في المناطق السعودية: تحول جذري في الهوية الثقافية
شهدت الفعاليات الفنية في السعودية تحولًا كبيرًا، حيث لم تعد مقتصرة على المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، بل بدأت تتجاوز تلك الحدود لتصل إلى مناطق كانت تُعتبر تقليديًا معاقل للتيار المحافظ. يأتي الاحتفال باليوم الوطني الخامس والتسعين هذا العام ليشكل نقطة تحول نوعية، مع تقديم فنانيين مثل أصالة نصري في شقراء وعبادي الجوهر في القصيم.
الموسيقى كجزء من الهوية الوطنية
تُعرف مدن مثل شقراء والقصيم بأنها بعيدة عن الأجواء الموسيقية الصاخبة، إلا أنها اليوم تحولت إلى منصات تُسجل فيها لحظات فنية مشهودة، حيث تتلألأ الأضواء وتُرفع مكبرات الصوت أمام جمهور واسع. إن وجود فنانة بحجم أصالة في شقراء، المدينة المشهورة بتقاليدها المحافظة، ليس مجرد حدث عابر، بل هو علامة على إعادة صياغة العلاقة بين الفن والهوية المحلية. وهو ما يمثله أيضًا ظهور عبادي الجوهر في القصيم، مما يدل على أن الموسيقى أصبحت تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من مفهوم الوطنية، وليس شيئًا يجري على هامشها.
إضافةً إلى الحفلات التي تُقام في جدة والظهران، تعتبر هذه الفعاليات في المناطق الأخرى جزءًا من تحول عميق في الذوق العام والمزاج الاجتماعي. الأغاني التي كانت تُعتبر غير مناسبة لهذه البيئات، باتت اليوم رمزًا للاحتفاء بالوطن، مما يعكس تحولها من مجرد وسيلة للترفيه إلى رمز وطني يُعتز به.
هذا الاتجاه في تنظيم الحفلات الغنائية يُظهر نجاح الدولة في ربط الفن بالهوية الوطنية، حيث تكتسي الشوارع بالأعلام الخضراء، وتُطلق الألعاب النارية والعروض الجوية، لتضاف الموسيقى كعنصر أساسي في الاحتفالات. إن هذا التغيير يمثل نجاحًا اجتماعيًا وثقافيًا، يعكس تطلعات المجتمع السعودي نحو تعزيز الفنون كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، مما يستدعي الاحتفاء بالماضي ورسم ملامح المستقبل في ظل تنوع ثقافي متزايد.
