تحليل اقتصادي معمق: سعر الذهب يحلق عالياً بالتزامن مع صعود الأسهم في ظاهرة فريدة.
في ظاهرة اقتصادية غير مسبوقة، تشهد الأسواق المالية ارتفاعاً قياسياً في أسعار الذهب والأسهم الأمريكية معاً، وهو ما يتعارض مع العلاقة التاريخية التي تربط بينهما، حيث كان يُفترض أن يتحركا في اتجاهين متعاكسين. بينما ارتفع الذهب بشكل ملحوظ مقترباً من 4 آلاف دولار للأوقية، مسجلاً زيادة تتجاوز 50% في عام 2025، صعد مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 13%، بالإضافة إلى ذلك، تجاوز سعر “البتكوين” 125 ألف دولار.
هذا المشهد يرسم صورة جديدة في الأسواق المالية العالمية، حيث نشهد ما يُعرف بـ “ارتفاع كل شيء”، إذ ترتفع أصول الملاذ الآمن والأصول عالية المخاطر في وقت واحد، فتقليدياً، توجد علاقة عكسية بين الذهب، باعتباره ملاذاً آمناً، والأصول ذات المخاطر العالية كالأسهم والعملات الرقمية.
يُعزى هذا الارتفاع المتزامن إلى السيولة الهائلة التي ضُخت في الأسواق منذ جائحة “كوفيد-19″، وإلى ضعف الدولار الناتج عن توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية. وتكررت ظاهرة “الصعود الثنائي” بين الذهب والأسهم 6 مرات في عام 2025 وحده، مما يثير تساؤلات حول القوى الدافعة لهذا “الرالي المزدوج” وتأثيره على المستثمرين.
## العوامل الرئيسية وراء “الرالي المزدوج” للذهب والأسهم
هذا الصعود المتزامن مدفوع بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متداخلة، تتطلب تحليلاً دقيقاً لفهم الصورة الكاملة للسوق.
تأثير ضعف الدولار على أسعار الذهب
انخفاض قيمة الدولار يدعم أسعار الذهب مباشرة، لأن تسعيره يتم بالعملة الأمريكية، ما يجعله أرخص للمشترين من حاملي العملات الأخرى، حيث يتجه الدولار نحو أسوأ عام له منذ أكثر من 40 عاماً، مع توقعات بتخفيضات إضافية لأسعار الفائدة من قبل “الاحتياطي الفيدرالي”.
أسعار الفائدة الحقيقية السلبية وأثرها على جاذبية الذهب
انزلقت أسعار الفائدة الحقيقية إلى المنطقة السلبية في عام 2025، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية، فالفائدة الحقيقية السلبية تقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب الذي لا يدر عائداً، مما يزيد الإقبال عليه حتى في ظل صعود الأسهم.
تباين الأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاستثمار في الذهب
في حين تظهر الولايات المتحدة مرونة في أرباح الشركات ونمو الإنتاجية، تواجه اقتصادات كبرى أخرى تحديات، مثل الصين وروسيا، مما يدفع البنوك المركزية في المناطق المتوترة إلى تكديس الذهب بوصفه مخزون أمان.
جنون شراء الذهب من قبل البنوك المركزية حول العالم
تواصل البنوك المركزية شراء الذهب بوتيرة غير مسبوقة، حيث تزيد دول مثل الصين احتياطياتها وسط حالة عدم اليقين العالمية، بينما تقوم دول أخرى بتسريع عمليات الشراء كتحصين ضد التضخم المحتمل، هذا التحول يجعل الذهب أداة استراتيجية للتحصين ضد عدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي.