خبراء الأسواق المالية في دائرة الضوء: هل بالغوا في تقييم صعود الأسهم وتجاهلوا إشارات الهبوط الوشيك؟

01/10/2025
2

شهد سوق الأسهم السعودي عودة للارتفاع، مسجلاً إضافة تجاوزت الألف نقطة منذ قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة في 17 سبتمبر، تماشياً مع قرار مماثل من الفيدرالي الأمريكي، نظراً لتثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار، لكن الأهم كان إعلان الفيدرالي عن خفض إضافي متوقع بنصف نقطة هذا العام، ليصل إجمالي الخفض إلى 3.6 بالمائة، مع توقعات بخفض إضافي في الأعوام القادمة، هذا التوجه يعني أن أسعار الفائدة محلياً ستتقارب مع المستويات التي يستهدفها الفيدرالي الأمريكي، مما دفع سوق الأسهم السعودي لإعادة تقييم الأصول بناءً على توزيعات الأرباح ونموها المستقبلي المتوقع، بالإضافة إلى الانعكاسات الإيجابية لخفض الفائدة على أداء الاقتصاد والشركات.

لم يكن التأثير مقتصراً على ربع نقطة فقط، بل على استمرارية الخفض المتوقعة، بالإضافة إلى ذلك، كان لتوجه هيئة السوق المالية السعودية لزيادة نسبة تملك الأجانب عن 49 بالمائة الحالية دور كبير في الارتفاعات القوية التي شهدها السوق يوم الأربعاء الماضي، مصحوبة بتغير ملحوظ في أحجام السيولة التي ظلت منخفضة لعدة أشهر.

تثير بعض الآراء الصادرة من محللي بيوت الخبرة المالية، سواء في التقارير المكتوبة أو عبر وسائل الإعلام، تساؤلات حول ما إذا كانت الارتفاعات في السوق المالية، فيما يتعلق بأثر التوجه لرفع نسبة ملكية الأجانب، “مبالغ فيها”، على الرغم من أن بنوكاً عالمية بدأت في تقدير حجم الأموال التي ستتدفق إلى السوق كاستثمار ثابت من خلال تتبع مؤشرات مورجان ستانلي وفوتسي راسل للأسواق الناشئة بأكثر من 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى أموال من صناديق ومستثمرين أجانب محتملين، على اعتبار أن هذا التوجه سيرفع من وزن السوق السعودي في تلك المؤشرات، من المسلم به أن الارتفاع الكبير في يوم واحد يظل استثنائياً ونادراً، وهو يماثل في عدم المنطقية أي هبوط كبير بسبب خبر سلبي قبل أن يعود المتعاملون لتقييم الأثر الفعلي في الحالتين، سواء الخبر السلبي أو الإيجابي، ليعود السوق إلى طبيعته بالتفاعل مع الأساسيات مثل النتائج الفصلية والسنوية للشركات ومكررات الأرباح والتوزيعات وغيرها.

تقييم أداء سوق الأسهم السعودي: هل الارتفاع مبرر؟

السؤال الذي يطرح نفسه على من رأى مبالغة في ارتفاع السوق يوم الأربعاء الماضي بأكثر من 550 نقطة: هل كان الهبوط في السوق المالية منذ بداية العام، والذي وصل إلى حوالي 13 بالمائة، “مبالغ فيه”؟ هذا الهبوط يخالف اتجاه أغلب أسواق العالم، بما فيها أسواق دول الخليج العربي، على الرغم من التشابه في المؤثرات الخارجية التي واجهت الأسواق من أحداث اقتصادية أو جيوسياسية، هذا التقييم للارتفاع بأنه غير منطقي يقابله هبوط في السوق لا يوجد سبب مقنع لكل ما ذكروه حول أسباب استمراره في الهبوط، مما أصاب العديد من المتعاملين بالإحباط والقناعة بأن السوق لن يعود للارتفاع، وأن سبباً غير مفهوم أو معلوم وراء التراجع، لأنهم رأوا أسواق الخليج ترتفع بأكثر من 13 بالمائة، بل وصل بعضها إلى 19 بالمائة والأسواق العالمية، والأمريكية تحديداً، حققت أرقاماً قياسية جديدة على الرغم من أن أزمة الرسوم الجمركية أمريكية بالأساس، بينما كان اتجاه السوق السعودي معاكساً لها انخفاضاً بالرغم من قوة النمو الاقتصادي والتصنيف الائتماني المرتفع وتحقيق الرؤية لأغلب أهدافها.

فهم فلسفة الأسواق وتوجهاتها: مفتاح المستثمر الناجح

إن فهم فلسفة الأسواق وتوجهاتها وفك الشيفرة التي تحكم كل مرحلة هو أهم قراءة ينتظرها المستثمر من بيوت الخبرة، فعملية التجميع والتمركز في السوق السعودي كانت تتم بطريقة لا تختلف عن أي سوق عالمية، وهي الضغط بقصد الحصول على أفضل الأسعار من خلال عدم دعم الطلب حتى تزداد العروض وبتخفيض جيد بالسعر عن القيمة العادلة الحالية، فهذه قاعدة ثابتة في ضخ الأموال الاستثمارية في الأسواق، لأنها تستثمر لسنوات وتتحوط بأسعار أقل من القيمة العادلة كحال أية تجارة أخرى والارتفاعات في السوق إلى الآن لم تعوض ما فقده المؤشر من بداية العام، فمازال منخفضاً بحوالي 5 بالمائة.

التركيز على الأساسيات: قوة الاقتصاد ورؤية 2030

كما نظروا للارتفاع بأنه غير مبرر كان يجب أن يركزوا على أن الانخفاض الكبير أيضاً غير مبرر ولا يوجد سبب مما ألصقوه بأسباب الهبوط يعد مقنعاً، لأن ما حدث في أسواق المنطقة والعالم معاكس لحركة سوق الأسهم السعودي مما يعني ضعف تقديرهم لتوجهات السوق في الحالتين، ولذلك على المستثمر أن يركز على قوة الاقتصاد والاستحقاقات القادمة التي تدعم النمو الاقتصادي، وكذلك على توجهات السيولة للقطاعات الاقتصادية بحسب المشاريع والخطط الرسمية التي أطلقت في رؤية 2030 فهي المؤشر الإرشادي لبوصلة الاستثمار والنمو الاقتصادي وأثر ذلك على الشركات المدرجة بالسوق المالية.

نقلا عن الجزيرة