الذهب يتألق: تحليل معمق للعوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تدفع المعدن النفيس نحو مستويات قياسية جديدة
يشهد الذهب ارتفاعاً قياسياً وغير مسبوق، مدفوعاً بالإقبال العالمي المتزايد عليه كملاذ آمن في ظل الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، هذا الارتفاع الكبير لفت أنظار المستثمرين وصناع السياسات على حد سواء، خاصةً مع تزايد الشكوك حول الأصول التقليدية والرغبة في التحوط من المخاطر.
تتصاعد أسعار الذهب مدفوعة بمجموعة من العوامل، تشمل المخاوف من ارتفاع مستويات الدين الحكومي والتضخم، بالإضافة إلى التساؤلات المتزايدة حول مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية رئيسية، هذه العوامل خلقت بيئة مثالية جعلت الاستثمار في الذهب خياراً استراتيجياً للمؤسسات والمستثمرين الأفراد، بالإضافة إلى مشتريات البنوك المركزية.
وقد زاد من هذا الارتفاع، التوقف الحكومي الأميركي الذي بدأ الأربعاء للمرة الأولى منذ سبع سنوات، بعد تجاوز الكونغرس الموعد النهائي لتمويل الحكومة، مما أعطى دفعة قوية لأصول “الملاذ الآمن”، ليصل الذهب إلى مستويات قياسية عند 3873.46 دولار للأونصة، وتجاوزت العقود الآجلة مستوى 3900 دولار للمرة الأولى في التاريخ.
الطلب القوي على الذهب يتجلى بوضوح في التدفقات الكبيرة نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، إضافة إلى عمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية حول العالم، والتي عززت مكانة الذهب كعنصر أساسي في سياسات الاحتياطي النقدي، كما أسهمت التوترات الجيوسياسية في رفع جاذبية الذهب، باعتباره خط الدفاع الأول ضد حالة عدم اليقين.
الذهب يحقق مستويات قياسية جديدة
توقعات بوصول الذهب إلى 4000 دولار
من جانبه، يتوقع طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم، أن يتجاوز الذهب مستوى 4000 دولار للأونصة، موضحاً أن هناك سببين رئيسيين لهذا الارتفاع القياسي: استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب بكميات كبيرة، وإقبال المستثمرين على الذهب كأداة للتحوط في ظل حالة عدم اليقين العالمية، ويؤكد أن عوائد الذهب خلال السنوات الثلاث الماضية كانت أعلى من كثير من الأصول الأخرى، مما يعزز مكانته كملاذ آمن للمستثمرين.
صناديق التحوط تزيد انكشافها على الذهب
زادت البنوك المركزية من حيازاتها من الذهب هذا العام، حيث يُنظر إلى السبائك الذهبية باعتبارها موازنة جذابة للعملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، الدولار الأميركي، وكان تزايد شهية المستثمرين للذهب واضحاً أيضاً في المواقف بين المستثمرين المضاربين مثل صناديق التحوط ، التي لديها حيازات طويلة الأجل قياسية بلغت 73 مليار دولار، وفقا لأحدث البيانات.
تأثير خفض أسعار الفائدة على أسعار الذهب
ترى حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أن هناك طريقاً ممهدة لوصول الذهب إلى مستوى 4 آلاف دولار للأونصة، بعدما تجاوز حاجز 3,800 أخيراً، ويعود هذا الصعود إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها خفض أسعار الفائدة، وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية العالمية، إلى جانب تصاعد التحالفات الدولية المتباينة التي تتسم بالصراع وإبراز القوة والهيمنة، وتضيف أن الضغوط المستمرة لخفض أسعار الفائدة، تؤدي إلى تراجع جاذبية السندات الأميركية، وبالتالي تدفع المتعاملين عالمياً نحو الملاذات الآمنة وفي مقدمتها الذهب.