الذكاء الاصطناعي والتضليل.. كيف أخفت أمريكا توقيت الضربة النووية؟ - هرم مصر

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في يوم 21 يوليو 2025، استيقظ العالم على حدث استثنائي، عملية عسكرية سرية ودقيقة نفذتها القوات الأمريكية استهدفت أهدافاً نووية إيرانية في فوردو، أصفهان، ونطنز. لكن المفاجأة الكبرى كانت أن هذا الحدث لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة خطة محكمة تُبرهن على مدى التميّز والإبداع في إخفاء المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة.

هذه ليست مجرد عملية عسكرية عادية، بل هي نموذج فريد من نوعه في التضليل، يوضح كيف استطاعت أمريكا أن تسيطر على تدفق المعلومات، وتخلق حالة من التعتيم الإعلامي، لخدمة أهدافها الإستراتيجية، وضرب خصومها في العمق، من خلال تنسيق مذهل بين الجانب السياسي والإعلامي والتقني، واستغلال الأحداث الداخلية في أمريكا، مما ساهم في تضليل المحلل البشري وخوارزميات الذكاء الاصطناعي المعنية بالتنبؤ.

إستراتيجيات التمويه..

فن إدارة الزمن والتوقع

لو تأملنا كيف نفذت أمريكا هذا النموذج، ندرك أن الأمر لا يتعلق فقط بالأحداث العسكرية، بل هو فن إدارة المحتوى، والفيديوهات، والصور، والتحكم في الواقع وتدفق المعلومات. لقد اتبعت خطة ممنهجة، بدأت بتصريحات متحفظة ومتكررة، تؤمن أن الدبلوماسية هي الخيار الأول، بينما كانت على أرض الواقع تجهز لعملية عسكرية ضخمة. من 13 إلى 15 يونيو، أدلى المتحدث باسم البيت الأبيض بتصريحات تعكس وضعاً غير حاسم، وهي رسالة واضحة ضمن إستراتيجية تضليل متقنة، تهدف إلى إرباك أي محاولة للتوقع. وشارك الرئيس الأمريكي ترمب علناً في خلق جوّ من التهيئة النفسية، من خلال تصريحاته التي زادت من وقع التضليل، وأظهرت أن القرار غير محسوم، وأن المدة الزمنية مفتوحة على جميع الاحتمالات.

وفي الوقت ذاته، تنوّعت وسائل التمويه، فالبنتاغون رفض التعليق على تحركات القواعد، وأُجّل الإعلان عن موعد الضربة مراراً، مع تأكيدات من بعض الأوساط السياسية، مثل السيناتور ماركو روبيو، التي عمدت إلى تشكيل توقعات محددة، تؤكد أن الإيرانيين لن يستطيعوا تحديد موعد الهجوم بدقة. وهكذا، كانت أمريكا تصنع تصريحات وتصرفات ممنهجة ومتراكمة، جميعها تهدف إلى إخفاء الحقيقة خلف ستار من الالتباس والخداع.

الاحتراف في تضليل الذكاء الاصطناعي

لكن الأمر لم ينتهِ عند ذلك. كان التميّز يتمثل في إنتاج محتوى مضلل عالي المصداقية، يتنوع بين الصور، الفيديوهات، والنصوص، تم تصميمه بإتقان ليصل إلى شبكات الإنترنت وأجهزة التحليل، ليضلل عمليات التوقع والتقدير لدى خصومها. بهذا، أصبحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي، التي تعتمد على تحليل البيانات المفتوحة، عُرضة لخدعة محكمة حطّمت قدرتها على التوقع الصحيح، وأدّت إلى إرباك واضح للمحللين أيضاً.

وعند استخدام المحللين لأدوات OSINT لتحليل الوضع الحالي، والتنبؤ بموعد الضربة الأمريكية، سيكونون ضحايا لجمع وتحليل المحتوى المضلل من المصادر المفتوحة.

ولذلك، نجح المحتوى المضلل في التغلغل إلى دوائر القرار، وتضليل متخذي القرار لدى الخصوم، وأضعف قدرتهم على تحديد توقيت العملية بشكل موثوق.

الاستغلال الذكي

للتوقيت لخداع الخصوم

لم يقتصر النموذج الأمريكي على إنتاج محتوى مضلل فحسب، بل استغل التوقيت لإضفاء مصداقية على المحتوى المضلل، كالتوترات الداخلية في أمريكا، من احتجاجات في لوس أنجلوس وانقسامات، إضافة إلى خلافات داخل البيت الأبيض، وحتى الخلافات بين المسؤولين والأقطاب السياسية، بالإضافة إلى خلافات الرئيس الأمريكي مع إيلون ماسك، التي حدثت جميعها خلال أسابيع قبل الضربة.

هذه الحيل الداخلية، مع فرض سرية مطلقة على موعد الهجوم، أدّت إلى التشكيك في أي مصدر محتمل للمعلومات الصحيحة، وأعطت أمريكا الفرصة للتحكم في السيناريو بالكامل، وإدارة تدفق المعلومات، حتى بعد وقوع الحدث، بفضل الحصار الكامل على التدفق الحقيقي للمعلومات. ومنحت هذه الظروف الداخلية التكنهات بتأجيل الضربة الأمريكية على إيران.

ويتضح من النموذج الأمريكي الفريد تحكمه في تدفق المعلومات في عصر حروب الجيل الخامس، من خلال صناعة محتوى مضلل ومتقن يُجمع ويُحلل عبر المصادر المفتوحة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات OSINT، ليُخفي المعلومات الحقيقية، ويُربك الخصوم، ويؤسس لسيطرة غير مسبوقة على ميدان الحروب الرقمية والتكتيكية.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق