تُواجه تل أبيب تحديًا ماليًا متفاقمًا،في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، وسط تقديرات أوّلية تشير إلى أن الحرب تُكبد الاقتصاد الإسرائيلي مئات الملايين من الدولارات يوميًا، في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والدولية لإنهاء النزاع في أسرع وقت ممكن، وفقًا لصحيفة «وول ستريت جورنال».
إسرائيل تتكبد يوميًا مئات الملايين من الدولارات منذ شنها الحرب على إيران
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن إسرائيل تتكبد يوميًا مئات الملايين من الدولارات منذ شنها الحرب على إيران، وذلك وفق تقديرات أولية، ملمحة إلى أن ذلك الثمن الباهظ للحرب قد يحد من قدرة حكومة تل أبيب على تحمل حرب طويلة مع طهران.
ووضحت الصحيفة الأمريكية إلى أن العبء الأكبر في تلك التكاليف تتمثل في الصواريخ الاعتراضية اللازمة لصد هجمات إيران الصاروخية، والتي تقدر وحدها بمبالغ تتراوح ما بين عشرات الملايين لتصل إلى 200 مليون دولار يوميا، وفق تقدير الخبراء.
إسرائيل تدفع ثمنا باهظا لصراعها مع إيران..
تكلفة الصواريخ الاعتراضية الأعلى وتصل 200 مليون دولار يوميا..
إعادة بناء المبانى المتضررة يتكلف 400 مليونا على الأقل..
وتكلفة الحرب تعيق قدرة تل أبيب على مواصلة القتال
صرّح المهندس الإنشائي إيال شاليف، بأن الأضرار غير مسبوقة في تاريخ المواجهات العسكرية الحديثة في إسرائيل، مقدرًا تكلفة ترميم أحد الأبراج المتضررة في تل أبيب بعشرات الملايين من الدولارات.
وذكرت الهيئة الوطنية للدبلوماسية العامة أن أكثر من 5 آلاف شخص اضطُروا لمغادرة منازلهم، وأُسكن بعضهم في فنادق بتمويل حكومي، في وقت تحاول فيه الدولة إدارة أزمة إنسانية داخلية بالتوازي مع العمليات العسكرية.
وفي ظل استمرار إغلاق المدارس، تواجه العائلات صعوبات متزايدة في التوفيق بين العمل ورعاية الأبناء. وقالت أريئيل ماركوز، مديرة استراتيجية في مؤسسة غير ربحية: «أُجري اجتماعات العمل من حديقة عامة في القدس، وأقضي ساعات مع أطفالي الأربعة قبل أن أعود للعمل مساءً»، مضيفة: «الوضع ينهك العائلات».
ومع إعلان قيادة الجبهة الداخلية عن تخفيف جزئي للقيود، لا تزال الأوضاع غير مستقرة، بينما تلوح تساؤلات حول قدرة إسرائيل على مواصلة العمليات دون الانزلاق في أزمة اقتصادية طويلة الأمد.
تكاليف الذخائر والطائرات المقاتلة
تضاف تكاليف الذخائر والطائرات المقاتلة، علاوة على التدمير غير المسبوق الذي لحق بالمباني في مدن إسرائيلية تعرضت للقصف الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيّرة. وإلى الآن، تشير بعض التقديرات إلى أن خسائر إعادة بناء أو إصلاح المباني والمؤسسات التي تضررت قد تكلف إسرائيل 400 مليون دولار على الأقل.
وألمحت الصحيفة إلى أن تراكم التكاليف وتفاقم الخسائر يلقيان بضغوط كبيرة على إسرائيل لمراجعة موقفها حيال الحرب والسعي لإنهائها على وجه السرعة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن الهجوم الجديد ربما يستمر أسبوعين، فيما لم يظهر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أي مؤشرات لعزمه وقف الحرب قبل إنجاز كل أهدافها بالتخلص من البرنامج النووي والإيراني وتدمير إنتاجها وترسانتها من الصواريخ الباليستية، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن محافظ بنك إسرائيل (المركزي) السابقة، والزميلة البارزة في "معهد الديمقراطية الإسرائيلي" البحثي، كارنيت فلوج، قولها "إن العامل الرئيسي الذي سيحدد تكلفة الحرب سيكون فعليًا هو المدة الزمنية لها".
وتعتقد فلوج أن الاقتصاد الإسرائيلي بوسعه تحمل حملة قصيرة قائلة "إذا كانت أسبوعًا، فهي شئ واحد، لكن إذا كانت أسبوعين أو شهر، فإنه ا مسألة مختلفة تمامًا."
الصواريخ: تكلف نحو 700 ألف دولار في كل مرة يتم تشغيلها
أشار الباحث ليهوشاع كاليسكي في "معهد دراسات الأمن الوطني"، إلى أنه يمكن لمنظومة "مقلاع داوود"، التي طورتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة، إسقاط الصواريخ من قصيرة إلى بعيدة المدى، والمسيرات، والمقاتلات.
وتكلف نحو 700 ألف دولار في كل مرة يتم تشغيلها، مع افتراض أنها تستخدم صاروخين اعتراضيين، كحد أدنى لعملية الإطلاق.
كما أن منظومة الدفاع الجوي الأخرى، آرو3"، التي تستخدمها إسرائيل للحماية ضد الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي تخرج عن الغلاف الجوي، تكلف ما يقرب 4 ملايين دولار لكل عملية اعتراض. والنسخة الأقدم منها، المعروفة بـ "آرو 2"، تكلف نحو 3 ملايين دولار في كل مرة إطلاق.
وتتضمن النففات العسكرية الأخرى أعباء إنطلاق عشرات الطائرات الحربية، مثل مقاتلات "إف-35"، للقيام بطلعات جوية تستغرق ساعات ولمسافة تبعد نحو 1000 ميل عن الأراضي الإسرائيلية.
ويشير كاليسكي إلى أن كل ساعة طيران لتلك المقاتلة تكلف 10 آلاف دولار، لافتًا إلى أن هناك أيضًا تكلفة إعادة التزود بالوقود، والذخائر والقنابل مثل "جيه دي إيه إم" و"إم كيه84"، لا بد أن تؤخذ في الاعتبار.
من جهته، يرى رئيس "معهد آرون للسياسة الاقتصادية" في جامعة رايتشمان الإسرائيلية، زيفي إكشتاين، أن "الكلفة اليومية، أعلى بكثير من الحرب على غزة أو مع ’حزب الله’، وكل ذلك بسبب الذخائر، التي تعد الكلفة الأكبر." لافتًا إلى كلا الذخائر الدفاعية والهجومية.
ووفق تقديرات "معهد آرون للسياسة الاقتصادية"، فإن حربًا مع إيران في حال استغرقت شهرًا واحدًا ستصل أعباؤها إلى نحو 12 مليار دولار.
وخفضت مؤسسة "جي بي مورجان" من توقعاتها لنمو الاقتصاد الإسرائيلي ورفعت تقديراتها لعجز الموازنة الحكومية بسبب اندلاع النزاع مع إيران.
ويتوقع البنك الأمريكي الاستثماري نموًا اقتصاديًا لإسرائيل بنسبة 2 في المائة خلال العام الجاري 2025، مقابل 3.2 في المائة في توقعات سابقة، مشيرا إلى أن العجز المالي في الموازنة الحكومية من المرجح أن يقفز إلى 6.2 في المائة مقابل 5 في المائة في تقديرات سابقة.
وقبل يومين،كشفت صحيفة "جلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية أن وزارة المالية في إسرائيل طلبت رسميًا من لجنة المالية في الكنيست (البرلمان) تحويل مبلغ 3 مليارات شيكل إضافية إلى وزارة الدفاع، وذلك لتغطية نفقات دفاعية غير متوقعة نتيجة التصعيد العسكري مع إيران.
0 تعليق